إلغاء الابتدائية.. خراب!!!
الأحد 09/يوليو/2017 - 11:13 ص
لقد استند وزير التعليم فى قرار إلغاء امتحان الشهادة الابتدائية ، وتحويل الصف السادس الابتدائى إلى صف نقل عادى، بدءاً من العام الدراسى القادم على القانون 139 لسنة 1981، والذى ينص على أن مرحلة التعليم الأساسى هى 9 سنوات تنتهى بامتحان الشهادة الإعدادية كشهادة لإتمام مرحلة التعليم الأساسى..
واننا لا ننكر أن القانون لا ينص على امتحان الشهادة الابتدائية، ولكن هناك مؤتمرات قومية عقدت فى أعوام 1994 مؤتمر التعليم الابتدائى، و1995 مؤتمر التعليم الإعدادى، و1996 مؤتمر إعداد المعلم و أن هذه المؤتمرات أخذت قرارات لها قوة القانون، وهى أن الصف السادس الابتدائى يعد امتحان شهادة على مستوى المحافظة، وكذلك سنة ثالثة ابتدائى يكون امتحانها على مستوى المحافظة وذلك بعد اكتشاف تدهور مستوى التلاميذ فى القراءة والكتابة التى وصلت إلى حد أن بعضهم لا يستطيع كتابة اسمه!!..
واذا كان الوزير استند فى هذا القرار على القرار رقم 139 لسنة 1981 والذى ينص على أن الصف السادس الابتدائى ليس شهادة، فهل يكون كل من حصل على الشهادة الابتدائية خلال 40 سنة الماضية تعتبر شهادة باطلة!!..
ولنكن صادقين مع انفسنا، بان الوزير أراد فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة من وراء هذا القرار، أن يوفر الملايين التى تصرف وتنفق على أعمال امتحان الشهادة الابتدائية من ( الكنترول، التصحيح، بدل الانتقال، طباعة اوراق الأسئلة والإجابة، اعمال الملاحظة، ........ )، وان القرار بمثابة توفير مالي فقط للوزارة..
أن مبدأ إلغاء امتحان قومى من أجل توفير النفقات، تفكير خاطئ سيكون له آثاره على المدى البعيد، وقد كان سببا فى إلغاء وزير التعليم الأسبق د. فتحى سرور للصف السادس بأكمله من السلم التعليمى، لتوفير 20 مليون جنيه فى عام 1988، لكن الدولة عادة وتحملت أضعاف هذا المبلغ فى معالجة مشكلة الدفعة المزدوجة ووجود السنة الفراغ فى السلم التعليمى، الناتجة عن تطبيق القرار..
ان قرار إلغاء اعتبار السنة السادسة الابتدائية شهادة هو الإلغاء الثانى لامتحانات شهادة عامة، بعد إلغاء شهادة الصف الثالث الابتدائى، على يد الوزير الأسبق أحمد زكى بدر فى عام 2009، وبهذا يظل التلميذ 9 سنوات كاملة دون متابعة وتقييم عام حقيقى وجاد لقدراته ومستوى تحصيله ومستواه التعليمى واللغوى، وخاصة لمستواه فى القراءة والكتابة؛ وذلك فى ظل نظام تعليمى في مصر بالاساس ضعيف وفقير جدا، ويعاني من أمية لكثير من التلاميذ حتى المرحلة الإعدادية، وخصوصا في المحافظات الريفية التي ترتفع فيها نسبة الأمية بين الطلاب حتى مراحل متقدمة من التعليم..
وبالرغم من تفشي الأمية في المرحلة الابتدائية، إلا أن الشهادة الابتدائية كانت عبارة عن فلترة للانتقال من المرحلة الابتدائية للتعليم الإعدادى، وإن كانت نتائجها تصل إلى 40% قراءة وكتابة، ولا ننسى ايضا ان كلمة شهادة تثير حفيظة الأسرة وأبنائها على التحصيل والاستذكار، وان اختبارالشهادة الابتدائية يختلف عن اختبارات النقل فى السنوات ما قبل الصف السادس، والتى تتسم الى حد ما بعدم تدخل المجاملات والجدية والانضباط والتقييم على مستوى المحافظة، مما يعطى له أهمية فى تحديد مستوى التلميذ وفرز الطالب المتميز عن العادى، قبل أن ينتقل إلى المدرسة الإعدادية ليستكمل مرحلة التعليم الأساسى..
أن إلغاء الشهادة الابتدائية على مستوى المحافظات خطأ تربوى وتقييمى فالطالب لن يتعلم ولن يقيم، بل سيحرم الطالب من عملية تقييم حقيقية يمكن فيها معرفة مواطن القوة والضعف عنده، أو عيوب المناهج، وأوجه القصورعند المعلمين، وبالتالى محاولة تعديل المناهج أو طرق التدريس، تبعا لهذا التقييم العام..
أن هذا القرار عبثى، وسوف يعصف بالجزء الباقى من دور المدرسة؛ فمازال عدد كبير من الحاصلين على الثانوية العامة لا يجيدون القراءة والكتابة، وهذا يؤكد على أن هناك مشكلة فى التعليم فى الصغر، وتتساءل كيف سيكون الحال بعد إلغاء امتحان الشهادة الابتدائية والسماح بانتقال التلميذ تلقائياً إلى المرحلة التالية دون اختبار حقيقى لقدراته ومستوى تحصيله، الأمر سيكون له تأثير بالغ السوء لأن الامتحان عنصر مهم لتوجيه وتقييم التلميذ، وتمكين أولياء الأمور من الوقوف على المستوى التعليمى لأبنائهم، وذلك فى ظل ان اغلب امتحانات المدارس غير جادة..
وعلى الرغم من أن هذا القرار سوف يسعد بعض أولياء الأمور؛ لأنه سيوفر عليهم الجهد والمبالغ المالية التى كانوا ينفقونها على الدروس الخصوصية، ولكن هذا ليس مبرراً يجعلنا نأخذ مثل هذه القرارات الانفعالية، غير واضعين فى الاعتبار بعض المحظورات التربوية، والنتائج التى سوف تترتب على هذا القرار من عدم الاهتمام بالامتحانات واعتبارها عام نقل وليس شهادة نجاح أو رسوب، ويجعل التلاميذ غير مبالين بالمناهج يكثرون من الغياب عن المدرسة، وسيخرج جيل من الجهلاء بالقراءة والكتابة وانصاف المتعلمين، وسيؤدى الى وصول أولادنا إلى المرحلة الإعدادية وهم لا يعرفون القراءة أو الكتابة..
بل انه سيزيد من ظاهرة التسرب من التعليم ؛ حيث سيدفع الأسر الأكثر فقراً على إخراج أطفالهم من المدارس تحت ضغط المدة التى طالت للحصول على أول شهادة وهى الشهادة الإعدادية، والتى ستتطلب تسعة سنوات فى التعليم للحصول عليها، لينتهى الامر بأن تكون لدينا معدلات أمية أكثر من أى وقت مضى، ونكون قد اضعنا أجيالاً لـ 3 أو 4 سنوات قادمة، لنكتشف حقيقة انه لا مفر من الغاء هذا القرار وعودة امتحان الشهادة الابتدائية مرة أخرى..
واخيرا.. أرى انه كان من الأجدر بوزير التعليم أن يبحث لإيجاد حلول وسُبل جديدة لمكافحة الأمية والتى لم تتحرك من مكانها منذ 25 سنة، وأن يبحث قضية تكدس التلاميذ داخل الفصول، وإيجاد حلول لنظام الفترتين المعمول به فى بعض المدارس حتى الآن، وهذا هو التحدى الحقيقى أمام الوزير، أما القرار بإلغاء امتحان الشهادة الابتدائية فهو تخريب فى العملية التعليمية..