اللغة ومستقبل الهوية .. التعليم نموذجاً
عنوان هذا المقال لكتاب صدر عن سلسلة كتاب اليوم للأستاذ الدكتور "ضياء الدين زاهر" أستاذ أصول التربية والتخطيط الاستراتيجى والدراسات المستقبلية بكلية التربية جامعة عين شمس .
لقد تعودت دوماً
أن أنهل العلم من أساتذتى فى كل ميدان وفى أى
مكان ، ودائماً أقول دوماً أُفضل أن أكون طالبة أكثر من كونى أستاذة ، وأدرس
وأتعلم دوماً
فكان لى أن تعلمت
درساً لن أنساه أبداً من عالم قدير ومتواضعِ ، وهو أبى وأستاذ الدكتور ضياء الدين زاهر
.
الموقف المربِ
الذى تعلمته هو أن الدكتور القدير عرض دراسته القيمة عن الهُوية واللغة -التى بين دفتى
كتاب اليوم كما ذكرت فى السابق- فى سمينار
علمى ، ولشغفى وفضولى دوماً لمعرفة المزيد من العلم والمعرفة دخلت فى جدال ونقاش حسبت
فيه أننى على حق ومعرفة وعلم نتاج دراستى عن الهُوية الثقافية فى السابق ، وكنت فى
شغف لمعرفة الجزء الميدانى المُبتكر فى الدراسة لأن ما تجادلت حوله أن النظريات التى
يتم عرضها كانت فى السابق محل نقاش فى كتب ومؤلفات ورسائل علمية من قبل ، فما الجديد
يا أستاذى الجليل ؟
لم يقل أستاذى
الجليل شيئاً سوى أنه صمت ، حتى يرد اليوم على ما قلته كتواضع وثقة العلماء واثقى الكلمة
والخطى العلمية ، فكانت دراسته القيمة التى بين يدينا اليوم .
يقع الكتاب فى
104 صفحة تتناول إطاراً نظرياً متعمقاً عن الهوية والعولمة ، وإشكاليات اللغة وتداعياتها
على الهوية برؤية علمية مستندة إلى رصيد خبروى متين من عالم يمتلك مهارات التفكير العليا
من نقد وإبداع وبناء التصورات المستقبلية . وهذا النهج هو ما سلكه العالم الجليل .
ثم عرض الكتاب
لواقع منظومة التعليم ومستقبل اللغة ومن ثم الهُوية داخل العالم العربى لاسيما المجتمع المدرسى . والجدل الواضح فى تدريس
لغات أجنبية تتعارض مع اللغة العربية ومن ثم التمسك بالهوية الثقافية للأمة . وقد تراوحت
الاستجابات بين مؤيد ومعارض مع تبريرات قوية لكلا الطرفين .
واختتمت الدراسة
بثلاث سيناريوهات جديرة بالدراسة داخل أمتنا العربية لا سيما مجتمعنا المصرى لتأسيس
هُوية فاعلة :-
السيناريو الأول
: سيناريو مستقبل الأمس ( وهو سيناريو يقوم على الإبقاء على ما هو عليه ، دون تغيير
ملموس ، وإنما تحسينات طفيفة للغاية ، وقد يُنبئ هذا السيناريو بخطر الضياع ، ويؤكد
الدكتور ضياء على ضرورة تجاوزه وعبوره لأنه أزمة وليدة لتراكمات هيكلية ، وانكشافات
عميقة لأزمات متوالية )
السيناريو الثانى
: السيناريو الإصلاحى ( وهو احتمال حدوث تطوير نسبى سياسى واجتماعى وتعليمى وثقافى
لتطوير المؤسسات المجتمعية لبناء حائط ضد الاختراقات الثقافية والسياسية والاقتصادية
، وأداة الإصلاح هى التعليم باعتباره لاعباً قوياً فى التغيير وتوجيه المستقبل )
السيناريو الثالث
: السيناريو النهضوى ( وهو الأمل المنشود ، وطوق النجاة للغة العربية ، وسبيلها نحو
تكريس الهوية الثقافية العربية ، وهذا من خلال تبنى مشروع نهضوى مستقبلى تأخذ فيه السياسة
اللغوية مكانة مرموقة تحافظ على الموروث الثقافى ، وتتمسك بالنهضة المعاصرة الأصيلة)
.
وتوصل الأستاذ
الجليل من خلال دراسته إلى أهمية التفكير المتنامى
بشكل مستمر فى مستقبل الهُوية واللغة داخل المجتمعات العربية ، وفق مسارات منهجية استشرافية
واعية وفاعلة وملهمة .
شكراً أستاذى
الفاضل على ما قدمته للمكتبة العربية من زخم علمى ومعرفى ، وشكراً على هذا المؤلف القيم
الذى ينم على عمق وأصالة الفكر لعالم يتسم دوماً بتواضع العلماء .
وعلى المستوى الشخصى
والإنسانى شكراً لما أرسلته لى من موقف مربٍ لن أنساه ما حييت ، وهو أن الفقيه والعالم
لا يُجادل بالقول والكلام، وإنما بالحجة والعلم والبيان والدليل على صدق ما يقوله فى
مؤلف علمى بالغ القيمة كما هو بين أيدينا الآن ( اللغة ومستقبل الهوية : التعليم نموذجاً
)
* كاتب مقال
أ.م. د فاطمة الزهراء
سالم محمود
أستاذ أصول التربية
المساعد
كلية التربية
– جامعة عين شمس