الست الشاطرة تغزل ولو برجل "حمار"
مثل مصري معروف معناه أن السيدة الشاطرة تستطيع أن تغزل النسيج ولو برجل حمار، وبمعنى أقرب فإن هناك فارق بين المرأة الشاطرة التي تستطيع طهي الطعام بمفردها وبين تلك التي تعتمد على شرائه جاهزا من المطاعم، فالأولى تدبر أمورها وتوفر وتقدم شيئاً صحياً لها ولأولادها، والثانية تنفق وتهدر المال في شراء الطعام الجاهز وقد يكون غير صحي وغير نافع ومليء بالفيروسات الضارة وقد الأمر إلى إصابة أفراد الأسرة بأمراض مزمنة تكلفها مزيد من النفقات على العلاج.
وبالقياس فإن مدلول المثل لا يختلف كثيرا... فالذكي هو من يستطيع التصرف والنجاح
بأقل الامكانيات و ليس الذى يشترى كل شيء لأنه
لا يستطيع التفكير من الأساس ولا يعرف كيف يستثمر
الموارد المتاحة لتحقيق الهدف فيسلك الطريق المختصر وهو استيراد الأفكار جاهزة من الخارج ، ويسعى في تطبيقها دون
الأخذ فى الاعتبار الظروف التى تمر بها البلاد
أو مدى نجاح تلك التجارب من عدمه.
وفي الاطار ذاته، فقد استوقفتني تصريحات
الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم منذ
توليه المسئولية كثيرا فعلى سبيل المثال أعلن
سيادته عن تطبيق مناهج إلكترونية جديدة بنظارات ثرى دى ! وهنا السؤال كم تتكلف تلك
التجربة ؟ ولماذا ؟وكيف ؟ هذا المقترح يحتاج إلى أجهزة بمواصفات معينة لكى
تصنع واقع افتراضي .
ومثال آخر مقترح " الفصل المقلوب" الذى يستحيل تطبيقه فى وجود الكتاب المدرسي فضلا عن تصريحاته عن تطبيق السعادة فى التعليم المصري ، وهنا
اتوقع انه قد سقط من تفكير معالى الوزير الدكتور طارق شوقى عدد طلاب مصر الذى تعدى 18 مليون طالب وطالبة ومنهم من لا يجد مكاناً للجلوس عليه داخل الفصل ، فضلا عن تصريحاته
حول الغاء الكتاب الورقي والاعتماد على الكتاب الإلكتروني و"بنك المعرفة" بالرغم
من انه لا توجد دولة فى العالم تستغنى عن الكتاب الورقي ، والمثير للدهشة وفى
ظل كل هذه الأفكار التكنولوجية والتي لا يمكن الاستفادة منها إلا بتوفير شبكة انترنت
وجهاز كمبيوتر لكل طالب فكيف يتم وقف مشروع
التابلت المدرسي والذى يعتبر الوسيلة الوحيدة
للاستفادة من تلك المشروعات والافكار المطروحة إن كتب الله لها التنفيذ.
تجارب كثيرة على مر السنين تم تطبيقها في
التعليم المصري فمثلا تجربة مدارس النيل وتجربة المجمعات التكنولوجية
التي تم صرف ملايين الجنيهات عليها (انجليزية في الأميرية وألمانية فى أسيوط وإيطالية فى الفيوم ) وفى النهاية المنتج عبارة
عن تخرج عدد من الطلاب لا يتعدى صوابع اليد
الواحدة .
لماذا كل ما يحدث في التعليم لماذا كل مسئول يتولى
المنصب يتسارع على نقل التجارب من بلد جديدة .. لأسباب يعلمها الله قد بدأت تجربة المجمعات التكنولوجية مع انجلترا ثم تم نقل المشروع لإيطاليا ثم إلى المانيا
والآن يفكرون فى الصين كل هذه الملايين من
الاموال تنفق بالرغم من ان الشعب المصري أصابه
اليأس من هذه التجارب الفاشلة
مصر منذ زمن بعيد وهى تقوم بالتجريب فى
التعليم وقد طبقوا "المدارس التجريبية ،مدارس المتفوقين، مدارس STEM،
مدارس النيل ، المجمعات التكنولوجية ، التجربة اليابانية ، التجربة الروسية، التجربة
الفنلندية وغيرها
فنحن قد تعرضنا لكثير من التجارب التى تم
تطبيقها على التعليم المصري فى السنوات الماضية
والمستوردة من الخارج وتم تطبيقها فى مصر تطبيقاً أعمى ، وبالفلوس أراد المسئول
ان يشترى كل شيء من الخارج جاهز ليطبقه فى التعليم دون أدنى تفكير عن استثمار الموارد
المتاحة لدينا والتي تناسب ثقافتنا
نحن لا نعترض على نجاح تلك التجارب في بلادها مثل تجربة
"ماليزيا " فى التعليم، والماليزيون
استطاعوا بأقل الامكانيات ومن خلال الاهتمام بالمعلم إحداث نقلة نوعية في مجال التعليم
الماليزي، ولذلك لابد أن نتعلم من أمثال تلك التجارب لا أن ننقل تجارب كما هي وننفذها كما هي ، بل الأفضل
أن نأخذ منهم الاسلوب فقط وليس النقل ، اما النقل الاعمى للتجارب فكأننا نشترى التجربة جاهزة بالفلوس وكأننا نريد
أن نعلم اطفالنا تاريخ و ثقافة وتعليم غيرنا .
استيراد التجارب والمشروعات والافكار الجاهزة
من الخارج قد ينجح أحيانا ولكن فى المجتمعات
المنفتحة واعداد الطلاب القليلة ومستوى المعيشة
المرتفع والدخل الكبير .
وفي ظل هذا كله، يبرز سؤال اين التجربة
المصرية التي علمت جميع البلاد العربية وبعض البلاد الافريقية؟ الحل هنا هى "الاستراتيجية 2014" لأنها
من صنع وافكار مصريين وصميم المجهود المصري اعتمدت على تطبيق الاسلوب لهذه التجارب على المناهج المصرية ولكن تطبيقه باللغة العربية وكيفية توصيل المعلومة
للطالب واسرته وتعليمه الاخلاق المصرية.
اريد ان اطرح سؤالاً على الوزير طارق شوقي وانتظر الاجابة عليه .. هل هذه الافكار قد طبقت فعلا و نجحت فى اى دولة فى العالم ؟ وما هى هذه الدول التي طبقت كل هذه التجارب بداية من السعادة انتهاءا الى مناهج ذات نظارات 3d ؟ معالى الوزير كل من حاول فعل ذلك في اى دولة.. تراجع عن تلك الافكار فورا لان النتيجة كانت الفشل واخراج جيل لا يعرف القراءة والكتابة