معا للقضاء على الأزهر !!
دعوات خبيثة خفية تعرض بذلك ، و تصرح بما هو أشد فداحة ، تستيقظ
مصر دامعة لفراق شهدائنا الكرام في حادث الكنيسة الإرهابي ، و بدلاً من أن نحاول
الوقوف على أقدامنا ، و نروم التماسك ، لكي ندرك حقيقة ما نمر به ، و كيف نواجهه ،
نجد من يستعلن بشذوذ فكره ، و يحاول إلصاق تهمة إرهابية بمصير معهد إسلامي عريق له
ألف عام في الوجود ، بسبب نص زعم أنه لبراعته الفذة وجده في كتاب أزهري ، هذا النص
كما يزعم إنما هو نص متطرف يحرض المسلمين على قتل الآخر !
و ياللعجب ، فإننا نعلم جميعاً أن الأزهر و رجاله من علماء و وعاظ
و قراء لطالما ظهرت مودتهم للمسيحيين ، فمنهم من كان صديقاً لبعض شيوخ الأزهر
أنفسهم !
و لم يفهم أحد من الناس يوماً من خطاب الأزهر و مناهجه و شيوخه ما
يشي بأنهم يحرضون على البغضاء و الكراهية ، فضلاً عن أن تلصق هذه التهمة الشنعاء
بنصوص الشريعة السمحة
...
أيها السادة
ليس في ديننا نصوص ترسخ للكراهية ، بل إن نصوص الإسلام كلها تجسد
الإنسانية في أبهى صورها ، حيث تأمر بالرحمة و المودة و التسامح ، و إحسان القول
للآخر ، قال تعالى : وقولوا للناس حسنا ، و احترام عقيدة الآخر ، قال تعالى : لكم
دينكم و لي دين ، و احترام مفرات إيمانهم ، و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله ،
و إن اضطررت للجدال فليكن بالحسنى ، و جادلهم بالتي هي أحسن .
و حينما فتح أحد قواد عمر بن عبدالعزيز مدينة كانت على ديانة
المسيحية بالقوة ، استسلم لهم أهل المدينة حتى انتشر جند المسلمين بين أرجاء
المدينة ، حينها كتب القس إلى خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز يقول ما معناه : إن
جندك فتحوا المدينة عنوة مخالفين بذلك طريق الرسول في الفتح ، الإسلام أو الجزية
أو العنوة ، و قائدك تخطى الأوليين و فتح المدينة عنوة فخالف بذلك سنة الرسول ،
فأمر الخليفة جنده ، فانسحبوا بكاملهم من المدينة ، وسلموا للقس مفاتيحها ، و
عرضوا عليه الإسلام ، فأسلم و تبعه قومه ، بعز الإسلام ، لا بحد الحسام ..
هذا هو الإسلام الذي نعرفه ، شجاع يقبل الحق ممن جاء به ، و لا
يلجأ للتفجير و عمل الموت إلا المفلسين من كل إيمان المخدوعين باسم الله و الدين و
الجنة ، و كل ذلك منهم براء ....
و هذا هو الإسلام الذي لا نقبل نقاشاً بشأنه ، و لا نسمح للمجرمين
السعاة بالشر المتاجرين بالإنسان أن يزرعوا الحقد في نفوسنا تجاه بعضنا البعض ، و
لا أن يكون لهم بيننا وجود ، لأن وجودهم إساءة لنا ، و للدين ، و للإنسان !
و هذا هو الإسلام الذي علمنيه الأزهر الشريف ، الرافع راية علوم
الدين و اللسان ، القائم بتلقين الناس آيات الله دون تصحيف أو تحريف ، الحافظ تراث
أمتنا من التآكل يوما بعد يوم وسط زحام التقاليد المستوردة ، الناشر علوم الدين في
أرجاء الأرض قروناً كانت أعمق أثراً في ذاكرة المجتمع الإنساني ..
الأزهر ليس متهما ، كما الإسلام ليس متهما ، علينا جميعا أن نبحث
عن المتهم الحقيقي ، لربما كان المتهم هو الجهل القاتم الجاثم على بقع كثيرة من
أنحاء بلادنا ، حيث يكون للإنسان ألف دافع للخطأ باعتباره صواباً ، لأن الجهل بيئة
خصبة لتخريج الجهال و الحمقى ، و هؤلاء يسهل تسخيرهم باسم أي شعار أو حتى مصلحة
شخصية !
لله ثم للوطن
الإسلام يدين الإرهاب ، و الأزهر يدين الإرهاب ، و لا علاقة للدين
بالأمر ، و إن قامت بعض الأيدي الآثمة باستخدام البسطاء و الأميين لتشويه الدين ،
فإنه وجب علينا أن نقدمهم ليد العدالة وجوبا بالدين و القانون و الأخلاق و
الإنسانية...