المسئولين عن التعليم .. عفوا لقد نفذ رصيدكم ..!!
نقل القبلة التعليمية إلي فنلندا والمانيا والتحرر من الفكر الامريكي والبريطاني.
قبل 17 عاما أو
أكثر كان الأطفال بالدول المتقدمة يتعلمون كيفية تشغيل واستخدام الأجهزة الحاسوبية
وتطبيقاتها في المجالات المتعددة .. واليوم يتعلم أطفالهم كيفية برمجة الأجهزة الحاسوبية
وبناء الروبوتات بتداخل للتخصصات العلمية والفنية المختلفة, وفي المستقبل سيتعلم أطفالهم
من الذكاء الاصطناعي عبر تطبيقات الواقع الافتراضي والهالوجرام" ..
العبارة السابقة
منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي فماذا لو تم كتابتها على وضعنا التعليمي بمصر؟
سنجدها كالتالي
" في مصر قبل 17 عاما كان الأطفال المصريون يتعلمون الجمع والطرح وقواعد اللغات
.. والآن يتعلم الأطفال المصريون الجمع والطرح وقواعد اللغات, وفي المستقبل لو استمرينا على نفس السياسات التعليمية ونفس الفكر
في تخطيط تعليم ما قبل الجامعي والجامعي سيستمر التعليم في مصر بدايته كما نهايته
"يا مولاي كما خلقتني" جمع وطرح وقواعد لغات" وأوراق مختومة ...!!
بل والأكثر دهشة
واستغراب.. أنه وبعد انقضاء كل تلك الفترة التي تخللها العديد من الخطط التعليمية والمؤتمرات
و تباديل وتوافيق وزراء التعليم والثبات الهيكلي بالوزارتين .. قد نشاهد خريج جامعي يقف أمام بائع لا يستطيع متابعته
في حساب قيمة المشتريات, ليخرج الآلة الحاسبة ويبدأ في الجمع والضرب رغم ان العمليات
بسيطة والبائع الأمي الجاهل يقوم بكل العمليات الحسابية مستخدما عقلة في مهارة فائقة
..!!
وبنظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي سنجد ان
الفرانكو آراب " كتابة العربية بالحروف الانجليزية " هي اللغة الرسمية التي يتبعها البعض في الكتابة,
لانهم لا يستطيعون الكتابة بقواعد اللغة العربية أو الإنجليزية التي اخذت من عمرهم
العديد من السنوات في تعلم قواعدها, وبنظرة سريعة على جانب أخر أشد أهمية سنجد طموحات
اغلب شبابنا وآمالهم هي الهجرة خارج هذا الوطن .. وللأسف هو وضع طبيعي للتوسع في التعليم
الأجنبي الذي يزرع السم في العسل ويصور بلدان الدول الأجنبية على انها جنة الله في
الأرض, ويهمل الهوية والانتماء واللغة العربية وبناء الإنسان المصري كمواطن صالح مرتبط
بمجتمعه ومنتج.
والسؤال الذي يطرح
نفسة الآن .. هل وصل خريجي التعليم الأجنبي بمصر إلي المستوي المذكور في بداية المقال
؟ أم ان السم لازال في العسل ولن يخرج منه ولن يعدوا التعليم الخاص كونه بزنس وسلعة
ومظاهر خادعة والملتحقين بالتعليم الخاص يعانون ايضا من الدروس الخصوصية ..!!
والغريب والعجيب
هو الاهتمام المتزايد من المسئولين عن قطاع التعليم في التوسع بالتعليم الاجنبي والتخطيط
بالفكر الامريكي والبريطاني في التعليم الحكومي الرسمي, وتعليق فشلهم التخطيطي وتدهور
التعليم على شماعة الميزانيات والاعداد المتزايدة و إهمال العنصر البشري واختصار المشكلة
في أرقام ما بين صادر ووارد باتجاه لتحرر الدولة من مسئولياتها نحو الخدمة التعليمية
لتصبح مراقبة للسلع التعليمية بدلا من كونها مقدمة للخدمات التعليمية ..!
اليابان بعد ان
كانت مدمرة من هيروشيما اقامت المدارس والفصول الدراسية في الهواء والعراء, ولم نسمع
مطالبات من رجال الاعمال اليابانيين والطبقة
البرجوازية بضرورة التوسع في التعليم الخاص
والأجنبي, او إبراز عشقهم للتجربة الأمريكية والبريطانية وضرورة نقل أنظمتهم في الإدارة
لليابان بحجة نقص الموارد أو الكثافة السكانية و قلة عدد الفصول, أو إن السبب في مجانية
التعليم , ولم يصرح أي مسئول ياباني عن اتفاقية لإنشاء مركز بريطاني لمنح الخريج الياباني
شهادة كفاءة او تدخل البنك الدولي في التخطيط
للتعليم الياباني ...!
لهذا خرجت اليابان
عن الهيمنة الامريكية والبريطانية و أصبحت اليابان "كوكب اليابان" ووصلت
إلى ما هي علية, لان الاساس في التخطيط القومي الجيد والمنهج وطرق التدريس والتدريب
والربط مع احتياجات المجتمع والدافعية للتعلم وبناء المجتمع ودور الفرد في الأسرة والثقافة
العامة وأهميتها ...
فنلندا احدثت طفرة بالتعليم في فترة قصيرة, فقد بدأت
بالاهتمام بالتعليم منذ اواخر التسعينات - أي في نفس الوقت الذى قام فيه "جهابذة"
التخطيط بمصر بوضع خطط تطوير التعليم - فتحولت
فنلندا من بلد اقتصادها زراعي الى بلد اقتصادها معرفي, مع ملاحظة ان التعليم الفنلندي
بالمجان وتم تصنيفه على انه من أفضل النظم التعليمية بالعالم. المانيا التعليم فيها
أصبح مجاني حتى للأجانب, وماليزيا والهند .... الخ
هناك العديد من
نماذج الدول التي تحولت في فترة قصيرة إلي دول منتجة ذات اقتصاد معرفي ولديهم موارد
بشرية قادرة على النهوض بأوطانهم ...
لن يحدث تقدم لدولة
بها هذا الكم من أنواع التعليم ما بين بريطاني وأمريكي وألماني وتركي ناشيونال وانترناشيونال
وتجريبي لغات وعادي وحكومي وأزهري... لو لم
يكن في هذا الوطن تعليم وتثقيف واهتمام بالهوية والعمل على زيادة الانتماء بشكل مستمر,
فلن يكون هناك إنسان ولن يكون هناك وطن .. لنصبح كوكتيل شعب بثقافات مهجنة, فلم يسبق
وان حدث تقدم في أي دولة اهملت مواردها البشرية إلا ان كان تقدم وهمي مزيف وخادع
,.
ونهاية لم ولن
يحدث تقدم لدولة لا تضع كل إمكانياتها ورهاناتها على مواردها البشرية من خلال تعليمهم
وتثقيفهم وتدريبهم , فالدول التي اعتادت على الاستثمار في الاراضي والعقارات والمنشآت
الترفيهية بدلا من الاستثمار في التعليم والتدريب قد تحقق مكاسب ولكنها مكاسب مؤقته
سرعان ما تنتهي وتتبدد لتضطر إلي الاقتراض, ثم تبدأ في البحث من جديد عن موارد طبيعية
أخرى تستطيع ان تطرحها لمستثمرين أجانب حتي تنتهي كل مواردها, وتلجأ في كل مرة إلي
الاقتراض حتي تغرق في بحر من الديون والفوائد التي تنقل تبعياتها للأجيال الأخرى التي
تم إهمال تعليمهم وتثقيفهم او تم التخطيط لتعليمهم
بفكر دول لا ترغب في تقدمنا ولن يمنحونا كامل خبراتهم بكل صدق .. ووقتها لن يعد لدينا
انتاج حقيقي يدعم اقتصاد هذا الوطن لنصبح منتجين للشيبسي والزبادي و .... و معلبات الكوسة.
والسؤال الآن
... الم يحن الوقت بإعادة هيكلة وزارات التعليم
وتغيير الدماء بفكر جديد ونقل القبلة التعليمية إلي تجارب دول أخري .؟ ثم ماذا حدث
بشان مخصصات التعليم بالدستور المصري؟..!!