في انتظار مكالمة السيسي قبل الانتحار
قررت في يوم ما أن أجد إجابات على تساؤلات شغلتني : لماذا يلجأ الطالب إلى الدرس الخصوصي ؟ ، لماذا يضطر المعلم إلى إعطاء الدروس الخصوصية خارج المدرسة ؟ ، ما هى أسباب فشل الإدارة المدرسية ؟ ، كيف نقضي على الكثافة الطلابية ؟ ، كيف نمنع الطلاب من حفظ المناهج ؟ ، كيف نحد من الفجوة الموجودة بين الدراسة ومتطلبات سوق العمل ؟
شغلتني كل هذه
التساؤلات وغيرها وأنا في نهاية المرحلة الإعدادية ، وبدأت أضع لها إجابات وأنا في
الصف الأول الثانوي ثم تحولت الإجابات بعد ذلك إلى رؤية منضبطة ثم إلى مشروع ممنهج
قائم على أسس البحث العلمي .
كلمني الأستاذ
محمد هيكل بإدارة كوم حمادة التعليمية وأبلغني باختياري للمشاركة بمشروعي في مسابقة
إنتل للعلوم والهندسة ، وتم خوض الجولة الأولى من المسابقة في أكتوبر 2014 بإحدى مدارس
مركز إيتاي البارود ، وفاز المشروع وتم تصعيده إلى الجولة الثانية بالعاصمة البحراوية
– دمنهور – ، وفوجئت بإعلان مشروعي ضمن المشروعات التي اجتازت هذه الجولة فضلاً عن
الاستحسان الذي ناله مشروعي من قبل أساتذة الجامعات الذين ناقشوني وقيموا مشروعي ؛
فكرمتني إدارتي الأم – كوم حمادة – بشهادة تقدير لصعودي إلى مستوى الجمهورية .
فوجئت بقناة الدلتا
الفضائية تتصل بي لمناقشة المشروع على الهواء ، وكانت حلقة جيدة في ديسمبر 2014 مع
الإعلامي وائل العشري ، تلقيت مكالمة ثانية من النيل الثقافية وأجريت مناقشة ثانية
في مارس 2015 ، وبالمناسبة مارس 2015 هو الشهر الذي ذهبنا فيه إلى مكتبة الإسكندرية
لمدة 3 أيام ، وحجزت لنا وزارة التربية والتعليم في منتصف مارس غرف خاصة على المتوسط
مباشرةً في فندق قاعود بمنطقة سبورتنج لصفوة المخترعين وكنت أنا واحداً منهم .
كانت فعاليات المسابقة
تُجرَى على مدار 3 أيام ، كان اليوم الأول لاستقبال المخترعين ، أما اليوم الثاني فكان
لتقييم المشروعات من قِبل أساتذة الجامعات ، وحاز مشروعي على إعجابهم وحصلت على مركز
متقدم في المسابقة ، وموثقة هذه الذكرى التي لا يمكن أن أنساها بشهادة مختومة من (
شركة إنتل العالمية – مكتبة الإسكندرية – وزارة التربية والتعليم ) ، ونزل مشروعي في
الكتاب المطبوع من قبل هذا الثلاثي ضمن أفضل المشاريع التي قُدمت خلال دورة 2014-
2015 ، والجدير بالذكر أن اليوم الثالث من المسابقة كان لكبار الزوار وما أتذكره منهم
هو الأستاذ إبراهيم التداوي - وكيل وزارة التربية والتعليم بالبحيرة آنذاك - ، وأتذكر
تحديداً مشهد احتضان كل الحاضرين لي بعدما قمت بشرح المشروع في حضرة التداوي وغيره
من المسئولين على اللوحة المطبوع عليها المشروع ، وتسلم التداوي نسخة شخصية من المشروع
وقتها ، فضلاً عن النسخة الموجودة لدى الثلاثي أصلاً .
فوجئت برسالة من
الدكتور حاتم أبو عالية - رئيس لجنة مجلس علماء مصر بكفر الشيخ - يبلغني متابعتهم لي
، وتم ضمي إلى المجلس آنذاك ومكافئة من المجلس لي رتبوا لي حلقة تلفزيوينة على قناة
الفراعين ، وبالفعل ناقشت مشروعي في أبريل 2015 وجلست بعد الحلقة مع الأستاذ توفيق
عكاشة لمدة 45 دقيقة نتناول مشروعي على مائدة النقاش التي كانت مصنوعة من الخشب الزان
، والجدير بالذكر أن بعدها قام الدكتور محب الرافعي - وزير التعليم آنذاك - باستدعاء
عكاشة رسمياً لبحث سبل تطوير التعليم .
قضيت الأشهر المتبقية
من السنة الـ 2015 في إجراء العديد من الحوارات الصحفية والتلفزيونية والميدانية ونشر
مشروعي بشكل واسع على الفيسبوك والمواقع الإلكترونية حتى جاء الشهر الأخير من السنة
وقابلت وزير القوى العاملة السابق الأستاذ كمال أبو عيطة مصادفةً في دريم لاند وتحديداً
داخل استراحة برنامج العاشرة مساءً وناقشته في المشروع ، وفوجئت بإصراره على أن أدخل
معه الإستوديو ويختصني بجزء من فقرته تكريماً لي ، إلا أن فاطمة قنديل – رئيس تحرير
العاشرة مساءً - لم توافق وقتها رغم أني أبلغتها أن الوزارة طبقت بندين من مشروعي مصادفةً
وهذا يعني أنني نابغ ويجب الاحتفاء بهذه المصادفة السعيدة على الهواء ، شاء القدر أن
يتم الاحتفاء - رغم رفض فاطمة - ؛ حيث خرج أبو عيطة على الهواء رافعاً أوراق مشروعي
إلى الكاميرات ليقول بجزل أن الرامي كان أولى مني بهذه الحلقة لأن كلامه أفيد للبد
من أى كلام آخر ومحمود ينفع مسئول أحسن مني .
طلب مني الأستاذ
وائل الإبراشي بعد الحلقة مباشرةً نسخة من المشروع للاطلاع عليها بعد ثناء الوزير على
الهواء ، وقال لي مداعبةً " دول شوية خواطر ولا مشروع مشروع " قلت له
" خواطر ايه يا أستاذ وائل ده مشروع عمري " .
استقبلت العام
الـ 2016 بهمة وعزيمة كبرى لما تلقيته من دعم وتشجيع من كل شرائح المجتمع، ودفعتني
الثقة بالله والنفس إلى تقديم المشروع إلى وزارة التربية والتعليم من خلال إحدى الأقنية
الروتينية الرسمية - مكتب خدمة المواطنين – وسلمتهم 6 نسخ مكتوبة ومدون عليهم ملحوظة
: " تم تطبيق بعض البنود من هذا المشروع في بعض المدارس من خلالكم ( توارد أفكار
) " ، وبعدما طلبت أن يصل المشروع للوزير بعد رفضهم أن أقابله شخصياً قام الموظفون
هناك فضولاً بمناقشتي .. فناقشتهم فيما أنا قادم به فصفقوا أكثر من مرة وقالوا
" احنا متأكدين إن الوزير هيكلمك " ، وكان هذا في اليوم الرابع من يناير
2016 .
أجريت مناقشات
عديدة خلال الأشهر الأولى من العام إلى أن أنهيت امتحانات الثانوية العامة بمجموع لم
يمكنني من الإلتحاق بكلية الإعلام جامعة القاهرة فالتحقت برائدة القطاع الخاص في هذا
المجال – أكاديمية أخبار اليوم – .
فوجئت برسالة خاصة
على الفيسبوك من الأستاذ محمود الشناوي - مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط - يبدي
إعجابه خلالها بالجهود المبذولة من قِبلي ويطلب نسخة مكتوبة من المشروع ليقدمها إلى
الدكتورة عايدة نصيف ليتم تقييمها من قِبل أساتذة جامعات لبحث مدى إمكانية تقديمها
في مؤتمر لإصلاح التعليم ستعقده الوكالة بمقرها الكائن بشارع هدى شعراوي في وسط القاهرة
في شهر أغسطس ، وبالفعل تم تحكيم المشروع وتقييمه وترشيحه بقوة لكونه قيمة جيدة جداً
في هذا الشأن .
قمت بعرض مشروعي
خلال المؤتمر أمام كل الحضور من خلال شاشة عرض كبرى ، وكنت جالساً على المنصة بجوار
عمالقة وخبراء التعليم ، وما أتذكره بقوة أنني ناقشت الدكتور الهلالي في أحد بنود مشروعي
وفور الانتهاء أصبحت مادة ممتازة لوسائل الإعلام الحاضرة فأجريت ما يزيد عن 10 لقاءات
وقتها ؛ لكون المناقشة الموجزة " في الجول " ، وفي نهاية المؤتمر وبتوصية
خاصة من الأستاذ محمود الشناوي استطعت أن أسلم نسخة مكتوبة من المشروع إلى الوزير يداً
بيد كما طلبها الوزير ، ثم نظر فيها سريعاً ورحب بالمشروع ووعدني أنه سيكون محل دراسة
وإستفادة ، وكنت أود وقتها أن أبلغه بالمصادفة السعيدة ولكني فضلت أن يكتشفها بنفسه
عندما يطلع على المشروع إن لم يكن أطلع عليه من قبل من خلال النسخة الموجودة لديهم
من خلال مسابقة إنتل أو القناة الروتينية أو من إحدى القنوات التلفزيونية أو الصحف
المقروءة أو الإلكترونية .. أو ربما سلمه له الأستاذ التداوي إظهاراً لمدى نجاح المديرية
فى إفراز المواهب العبقرية .. أو ربما قدمه له أحد مستشاريه .
كنت أتلقى خلال
العام كله رسائل خاصة من بعض الأقارب والمعلمين يهنئوني فيها بتطبيق الوزارة لمشروعي
؛ لاعتقادهم ذلك من خلال التطابق الواضح بين مشروعي وما يعلنه الوزير من تصريحات هنا
وهناك ، كنت سعيداً بهذه الصدف – كما كنت أعتقد – إلى أن تزامنت مع المؤتمر الأخير
لتطوير التعليم بالمدينة التعليمية الذي يسمونه " حوار مجتمعي " بعض التصريحات
والموضوعات المتعلقة بتطوير التعليم ، وصراحةً لا أعلم هل أعلنت هذه الموضوعات التي
كانت محلاً للنشر الصحفي داخل أم خارج المؤتمر ولكني علمت بها خلال فترة المؤتمر .
ما علمت به مؤخراً
هو إعلان الوزارة لبنود جديدة لتطوير التعليم سيتم تطبيقها وبعضها صدر به منشورات رسمية
للمدارس بالفعل ، شعرت كما قالت لي الأستاذة منى بارومة على الهواء " فرح وصاحبه
غايب " .. نعم .. أنا صاحب هذه البنود والأفكار ومستحيل أن تكون محض صدفة أو توارد
أفكار .. وتأكدت وقتها أنني صاحب قلب أبيض ونية حسنة ؛ لأنني كنت أظن ذلك التطابق مجرد
" توارد أفكار " ولكني تأكدت أنها لم تكن صدفة عندما وضع الدكتور الهلالي
آخر قطعة Puzzle
واكتملت الصورة تماماً .. بالفعل هذا استيلاء واستحواذ على مجهود
الغير دون وجه حق .
الآن .. ما هو
الإحساس الذي يمكن أن يشعر به هذا الطالب المغلوب على أمره ؟ ، والذي بات محطماً مكسور
الخاطر يكتب إليكم هذه الكلمات وعيناه تفيضان بالدموع لأنه تذكر مشواره كله وما بذله
من جهد وعرق منذ أن كان في الإعدادية سعياً وراء هدفه – تطوير التعليم في مصر – رغم
أنه حاول أن يؤجل هذا المقال حتى لا يتألم مجدداً فكفى بالحاضر عقاباً للمبدعين .