الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
منوعات

السياسة التعليمية والتوجه الأيديولوجي فى مصر قبل عام 1973 ومابعده

الخميس 06/أكتوبر/2016 - 08:05 ص
لجنة امتحانات في
لجنة امتحانات في مصر مايو 1973

اعتبرت مصر التعليم مشروعها القومى الأكبر ، وجعلته أولى الأولويات القومية وركيزة الأمن

القومى، كما اعتبرت التعليم ركيزة أساسية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لذا تتعاظم الدعوة

لإصلاح وتقويم النظام التعليمي ؛ نظرا لما يواجهه المجتمع المصري من تغيرات عميقة وسريعة على

الصعيدين المحلي والعالمى .

فعلى الصعيد المحلي قامت ثورة 25 يناير 2011 ؛ لتسقط نظاما سياسيا

مستبدا , وتنطلق نحو المستقبل برؤية جديدة . وعلى الصعيد العالمي تتجلى العولمة والتطور السريع

للعلوم والتكنولوجيا ونشوء مجتمع المعرفة ، والتى ترتب عليها تغيرات جوهرية سياسية واقتصادية ؛

مما أحدث تغييرا فى نظم العمل ؛ أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بجانب الأزمات التنموية والبيئية في

العالم .

وقد انعكست كل هذه التحديات على السياسة التعليمية في مصر سلبا وإيجابا , الأمر الذى يتطلب

مراجعة فاحصة لمجمل مسيرة النظام التعليمى في مصر ، وأخذ العبر والدروس من الجهود السابقة

التى بذلت لرفع كفاءة نظام التعليم ، حتى تنطلق المسيرة نحو المستقبل على أسس ومعايير علمية

لمواجهة تلك التحديات والمخاطر، ففهم التاريخ واستيعابه يفسر الحاضر الذى نعيشه ، فالحاضر ابن

الماضى ، والمستقبل المنظور هو وليد تفاعل كل من الماضى والحاضر.

فمسيرة التعليم متشابكة فى علاقة جدلية مع قوى المجتمع المهيمنة على السياسة والاقتصاد

والتراتب الاجتماعى ، ومع مواقع السلطة المتمثلة فيما ترمز له مؤسسة الدولة ، وما ترسمه من

توجهات فى إدارة المجتمع ، ومن ثم فإن معالجة حركة التعليم فى عمقها هى من صميم القضايا

. السياسية فى المقام الأول وفى التحليل الأخير

 

وبذلك ترتبط السياسة التعليمية بالقيادة السياسية ارتباطا مباشرا , الأمر الذي يحتاج إلى تحليل

العلاقة بين السياسة التعليمية وتوجهات النظام السياسي . فقد مرت السياسة التعليمية فى مصر

بتغييرات متعددة , منذ ثورة يوليو 1952 وحتى ثورة يناير 2011 , على إثر تغيير النظام السياسي

المصري توجهاته الأيديولوجية من الاشتراكية إلى الرأسمالية ؛ مما أثر بشكل كبير على حركة التعليم

فى مصر.

ومصر بحكم موقعها الاستراتيجي وتاريخها العريق ؛ تتأثر بمجريات الأحداث الدولية , فحين

أسفرت الحرب العالمية الثانية عام 1945 عن ظهور قوتين عظميين في العالم : الولايات المتحدة

ومعها أوربا الغربية ، ذات التوجه الأيديولوجي الليبرالي, والاتحاد السوفيتي ومعه أوربا

الشرقية ، ذات التوجه الأيديولوجي الاشتراكي ؛ بدأت عملية استقطاب من الدول الكبرى نحو مصر .

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ؛ قامت ثورة 23 يوليو 1952 تعلن عن نفسها من خلال عدة

مبادئ من أهمها القضاء على الاستعمار , القضاء على الإقطاع , إقامة حياة ديمقراطية سليمة , إقامة

عدالة اجتماعية . " وتأرجح فكر الضباط الأحرار ما بين الاتجاه الإسلامي والاتجاه الماركسي ؛ مما

يوضح أن حركة الضباط الأحرار لم تكن تمثل كيانا أيديولوجيا موحدا ، بل عرفت في داخلها أكثر من

اتجاه وأكثر من تيار ، وانعكس ذلك على مجلس قيادة الثورة الذي امتلك سلطة القرار الأخير في

، المجالين التشريعي والتنفيذي في مصر خلال المرحلة الانتقالية من يناير 1953 إلى يناير 1956

والذي ضم بدوره عدة تيارات أيديولوجية أدت إلى بروز خلافات بين أعضائه وإلى تصفيات داخلية .

ثم استقر الأمر أن يسير نموذج التنمية في مصر على طريق النمو الاشتراكي " يؤكد ذلك

البيان الذى ألقاه عبد المنعم القيسونى عن الحكومة… إنه بسبب ظروف محلية وإقليمية وعالمية اتجهت

( الدولة إلى إعلان التنمية استنادا إلى الأيديولوجيا الاشتراكية.

وفي ضوء ما سبق , بدأت السياسة التعليمية تلعب دورا مجتمعيا , من خلال رفع شعار العدالة

الاجتماعية وتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية . وسيطرت الدولة على جهاز التعليم ، باعتباره أداة لبث

توجهاتها وأفكارها وجذب الطبقات الصغيرة والوسطى للأيديولوجية الجديدة . وفى الفترة من عام

1961 برز عنصر التخطيط , ومحاولة ربط التعليم بخطط التنمية المزمع تنفيذها

1974 ، تبلورت السياسة التعليمية بشكل كاف , - التعليم باعتباره استثمار بشرى ، وفي الفترة 1962

ونظرت إلى التعليم باعتباره أداة أيديولوجية للترويج للنظام ، واعتباره أداة لسد النقص فى العمالة