الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

ملفات التعليم.. كمائن لاسقاط الوزراء

الإثنين 22/أغسطس/2016 - 12:50 ص

دائما وابدا نطالب بتغيير السياسات التعليمية واتعجب كثيرا لم ينتقدون مطالبتنا باقالة الوزير ويرون ان هناك فاصلا بين الوزير والسياسات.. فى حقيقة الامر ان من بين السياسات التى نطالب بتغييرها هى المعايير التى على اساسها يتم اختيار الوزراء الذين يقومون بتنفيذ السياسات.. وبالتالى من المفترض اننا حين ننتقد الوزير لايكون النقد شخصيا وانما هو تقييم موضوعى وعلمى بناء على نتائج ما اتخذه من قرارات وما اتبعه من اجراءات تمثل السياسات التى ينفذ بها خطة من المفترض وجودها على المدى القريب والمتوسط والبعيد ولابد ايضا ان تكون هناك رقابة ومتابعة لكل خطوة مما سبق..

واذا حاولنا جاهدين اجراء تقييم اولى بسيط ومباشر لعام مضى تقريبا على تولى الدكتور الهلالى الشربينى مهمة التربية والتعليم فى مصر كوزير او مسئول اول فعلينا ان نقر بعدة حقائق حتى نكون منصفين..
اولا ازمة التعليم المصرى ليست وليدة اعوام قليلة سابقة بل هى ازمة بدأت مع منتصف السبعينات من القرن الماضى..

ثانيا ان التوجهات الاقتصادية للدولة المصرية قد نحت منحى رأسماليا انعكس بدوره وبشكل سلبى على الخدمات الاجتماعية ومنها التعليم..
ثالثا التراكمات الناتجة عن تلك التوجهات السياسية والاقتصادية قد نتج عنها ظواهر شكلت هى الاخرى ازمات جديدة متفاقمة بمرور الوقت تزداد مع الاستمرار فى ذات التوجهات والسياسات دون حلول جذرية..

هذه الاسباب تجعل الوزير اى وزير يقبل يتولى المسئولية يسقط قبل ان يبدأ ..وتواجهه عدة تساؤلات عليه ان يجيب عليها حتى يحدد من اين يبدأ؟ وكيف يبدأ؟.. لكننا فى الحقيقة نكتشف ان غالبية وزراء التربية والتعليم فى مصر يحاولون دائما الاجابة على التساؤل الاتى وهو كيف ابقى وزيرا لاطول فترة ممكنة؟ وللاسف نضطر الى تقييم عملهم او نقد سياساتهم بالوزارة وفقا للمعروض امامنا سواء اكان المعروض اصلا للازمة ام ظاهرة ناتجة عن تلك الازمة.. ووفقا لتلك القاعدة المفروضة علينا فرضا فى نقد وتقييم سياسيات التعليم المصرى فاننا يمكن ان نحددها فى مجموعة ملفات.. تعد النتائج المحققة فيها معيار للحكم على نجاح او عدم نجاح وزير التربية والتعليم..
أولاً: ملف العنف في المدارس المصرية
ثانيًا: ملف ظاهرة غياب التلاميذ عن الحضور إلى المدرسة الحكومية
ثالثًا: ملف كثافة الفصول وارتفاع معدلاتها
رابعًا: ملف الدروس الخصوصية
خامسًا: ملف المتعاقدين الجدد والمعروف بمسابقة (30 ألف معلم)
سادسًا: ملف المناهج الدراسية
سابعًا: ملف الأبنية التعليمية
ثامنًا: ملف المدارس الخاصة.
تاسعًا: ملف الفساد داخل الوزارة فى الديوان والمديريات
عاشرًا: ملف الثانوية العامة والتسريبات

أولاً: ملف العنف في المدارس المصرية والذي أعلنت الوزارة عن لائحة انضباط وضعها الوزير السابق محب الرافعي، واستكملها الوزير الحالي الدكتور الهلالي، هل طبقت بالفعل؟ أم أعلنت فقط؟ وما نتائج تطبيقها؟ هل قلت نسبة العنف المتبادل بالمدارس المصرية؟ في الواقع إن حالات العنف ازدادت بشكل أكثر حدة عن السنوات السابقة، وبالرجوع إلى ما نشرته الصحف فقط، نرصد حوالي 3 آلاف حالة تقريبًا، اعتداء متبادل بين الطلبة والمعلمين وبين أولياء الأمور والمعلمين وبين الطلبة أنفسهم، بدءًا من حالات التنمر وانتهاء بالقتل مرورًا بكل أشكال الاعتداء البدني واللفظي والنفسي، واستخدمت كل الأدوات ابتداء من الأيدي وانتهاء بالأسلحة النارية مرورًا بكل الأسلحة البيضاء.. ماذا أنجز الوزير الحالي في هذا الملف.. إن تقرير المجلس القومى للطفولة ذكر "إن المدرسة المصرية هي المصدر الأول للعنف ضد الأطفال في المجتمع المصري"..

ثانيًا: الملف الثاني ملف ظاهرة غياب التلاميذ عن الحضور إلى المدرسة وهي الظاهرة التي انتقلت من الصف الثالث الثانوي إلى الصف الثالث الإعدادي، ماذا فعل الوزير الهلالي لمواجهة هذه الظاهرة، أصدر قرار العشر درجات للحضور والسلوك، والذي ألغاه رئيس الوزراء فيما بعد.. فهل يعد هذا انجازا ام فشلا ذريعا؟..

ثالثًا: ملف كثافة الفصول وارتفاع معدلاتها بشكل لا يسمح بتطبيق أي شكل أو نوع من أنواع التعلم الحديث وفقًا لمعايير الجودة.. وقبيل التغيير الوزارى الأخير، تجديد الثقة فى الحكومة من قبل مجلس النواب، فوجئنا بالسيد وزير التربية والتعليم يتقدم بمشروع أعلن أنه الحل لأزمة الكثافة، أطلق عليه "مشروع الاستثمار فى التعليم" والذى يمنح نسبة (25%) من نسبة الأراضى المخصصة لبناء مدارس حكومية الى مستثمرين بحق الانتفاع لمدة (30) سنة قد تزيد الى (40) سنة ومن حق المنتفع تحديد المصروفات وفقا لدرجة الخدمة بالمدرسة.. وبالتأكيد هذا يتناقض تمامًا مع مواد الدستور الخاصة بالتعليم والتى نصت على أن التعليم ماقبل الجامعى مجانى وإلزامى ومسئولية كاملة على الدولة، أى أن حلول السيد الوزير غير دستورية هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، توجه بغيض وفج نحو خصخصة التعليم المصرى وإجحاف حق الفقراء فى التعليم الجيد المجانى ولم يدرك الوزير خطورة هذا المشروع على الأمن القومى المصرى ومستقبل هذا الوطن، ونسى الوزير أنه وزير التربية والتعليم الحكومى وليس وزيرًا للتعليم الخاص أو مندوبا لجمهورية التعليم الخاص فى الحكومة المصرية..

رابعًا: ملف الدروس الخصوصية تلك الظاهرة التى تعد هى الأخطر على التعليم المصرى تعليميًا واقتصاديًا واجتماعيًا والتى نتج عنها تهميش دور المدرسة المصرية وانتفت معها نموها كل ما يمكن استهدافه تربويا وتعليميا من وجود منظومة التعليم المصرى بل واستنزفت ما يقارب "22 مليار جنيه" من دخل الأسر المصرية إلى غير ذلك من نتائج خطيرة على العلاقات بين المعلم والطالب وكرامة المعلم ونظرة المجتمع إليه وإلى المدرسة الحكومية ووجدنا الوزير الحالى يصدر قرارًا بما يسمى بالضبطية القضائية لعدد من أعضاء الشئون القانونية وهو يعلم تمام العلم أن هذا القرار لن يقضى على الظاهرة أو حتى يخفف من وجودها وما تعلنه الوزارة من غلق بعض مراكز الدروس الخصوصية لا يعد حلاً جذريًا للظاهر..