الغش مجتمع ودولة ...
السبت 11/يونيو/2016 - 06:38 م
بانت ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، هذا العام، مثل كل عام. هل اقتصر الغش على الثانوية العامة؟ أبدا، هو في كل مراحل التعليم، حتى الجامعي منه، لكن طبيعة الثانوية العامة تفضحه وتفضح المجتمع كله. الغش يبدأ من ضعاف النفوس بوزارة التربية والتعليم، ومن خارجها حيث الأهالي يفرضونه بالقوة وبتكنولوجيا الاتصالات.
الغش فاض وخرج عن السيطرة. الغش في الامتحانات الوهمية في كل مراحل التعليم، حتى الجامعي منه. الغش في رفع النتائج حتى تبدو الدنيا ربيع. الغش في الجودة الكاذبة التي تستنفذ الميزانيات وتؤكد على مبدأ الأونطة فيما نطرح ونتناول. الغش في من يزعمون تطوير التعليم الجامعي وغير الجامعي وهم يستأثرون بالرأي وكأنهم مُنزلون على مرافق الدولة العامة، وما أكثر ما شكوناه مما يُراد للتعليم الهندسي. الغش في أهل النفاق والارتزاق الذي يُولون وما من ورائهم إلا التصريحات والأرقام المفبركة. الغش في منح من لا يستحق عيني عينك، وظيفة أو جائزة. الغش في التلاعب في أية إجراءات حتى تبدو سليمة. لننظر في من يُعينون ويُمنحون، وفي إجراءات التعيين والمنح حتى نتأكد من كم الغش. الغش في البحث العلمي وما يُقدم لترقية أعضاء هيئات التدريس بالجامعات.
حياتنا غش في غش، في البيع والشراء، في كل التعاملات حتى في صباح الخير. الغش مجتمع وحكومة على حد سواء. يستحيل أن تكون حكومةٌ صالحة من مجتمع الغشُ يسوده. لقد وصل بِنَا الحال لدرجة الظلم، ظلمُ من لا يغش، كيف تقوم العدالة إذا مُنع الغش في لجنة وفُتح على البحري في باقي اللجان؟! ثم، من يضمن عدالة التصحيح؟
تغيير وزير التربية والتعليم، و أي وزير، لن يمنع الغش، الوزير لا يدير فعلًا إلا مكتبه، هو فاقد السيطرة على آلاف اللجان الموزعة في كل مكان. منع الغش يبدأ من الداخل، من المجتمع؛ لكن المجتمع هو من يدعمه بكل الوسائل بدءا من تهديد المراقبين في اللجان، مرورا بتسريب الامتحانات من داخل اللجان، انتهاءا باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات. لا غرابة من اللجان الخاصة المميزة، هل يغش المجتمع ولا تحاكيه وزارة التربية والتعليم؟!
الغش متغلغل، تمامًا كالإرهاب. الغش ثقافة وفتَّاكة وفهلوة، نظام حياة، الغش هو الحكومة والمؤسسات والمدارس والجامعات، كل هيئات الدولة، والمجتمع معهم. التغلب على الغش يتطلب إرادة، هل هي موجودة؟!