الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

يوميات صعيدي بالقاهرة

الجمعة 13/مايو/2016 - 01:32 ص

أكثر ما أكون في القاهرة تكون معي سيارتي فلا أكاد أرى إلا ما أريد من أماكن وأشخاص ، ولكن في المرات التي آتي فيها وحيدا شريدا ، تُريني القاهرة وجهَهَا الآخر في شماتةٍ وتشَفٍّ عجيبين !!

اليوم ركبت المترو من كوبري القبة حيث أقيم ، أريد جامعة القاهرة ، وقطعت المسافة كلها واقفًا في زحام شديد ، لكن حدث أن صعدت من محطة رمسيس سيدة في منتصف العمر ، وكان المفعد المخصص لكبار السن مشغولا بثلاث شابات يجاورهنَّ فتًى صعيديٌّ يرتدي جلباب الصعيد ولكنه ليس معتمًّا بعِمة ، وقد وضع وسط رجليه بلَّاص عسل عظيمة يعلوها قُمْعٌ وسَطْل ، فأراد أحد ذوي المروءات أن يقنعه بالوقوف لتجلس تلك السيدة ، فتحيَّر الفتى في لحظات فهو إذا وقف... كيف سيسند بلاصه تلك التي يسندها بركبتيه ؟ فقال لذي المروءة صائحا : ما راحتش ليه العربيات المخصصة للحريم ؟ وأنا أقوم لها ليه من دون الناس ؟ وأنت يا أخينا تطلع مين؟ وعاوز إيه ؟ وأمسك بأكمام ذي المروءة وقد انقلبت سحنته [ زيادة عما هي منقلبة !! ] وتنمَّر ، وجحظتْ عيناه .. فتدارك ذو المروءة أمره وتلطف إليه بضحكة وقبَّله ، أما أنا فوليت وجهي بعيدا كأنني من بنها .

وفي عودتي ركبت في تاكسي من جامعة القاهرة إلى مبنى الإذاعة ، ونظرت وأنا أركب للسائق فوجدته شابا سمح الوجه كوزير الأوقاف ذا سكسوكةٍ تدل على تدين ووقار ، ينبعث من سماعة سيارته صوتٌ خافتٌ حانٍ لطيف لم أتبينه حال ركوبي وظننت أنه شريط للشيخ طه الفشني ، فتفاءلت : أخيرا وجدت سائقا عاقلا متدينا وسطيا يحترم تجديد الخطاب !! ،

لكن بمجرد استقراري وتحرك التاكسي ارتفع الصوت قليلا وإذا هو مُغَنٍّ طروب ، قال لي الشاب إنه فريد الأطرش وسأل : هل تعرفه ؟ قلت له : أكيد !! ومن لا يعرفه ؟ قال الفتى الحُجَّة : هذه أغنياته الثلاث الأخيرة في آخر فلْمٍ مثَّله مع مرفت أمين واسمه " نغم في حياتي" ولم يترك له القدر فرصة لكي يراه ، فحين نزل الفلم دور العرض كان هو في المستشفى يعاني سكرات الموت

وذكر الفتى أسماء الأغنيات الثلاث : ماليش غيرك وياحبايبي يا حلوين وأُنسيتُ الثالثة!!

وأضاف الفتى التقي العلامة : ده كان عمرو دياب يا أستاااااااذْ !! كفاية أنه كان هو بهذه النجومية وعبد الحليم إذ ذاك حيٌّ يُرزق !!

وظل الفتي يمطرني بمعلومات مفصَّلة عن فريد الأطرش حتى قلت : ليته سكت !! كل ذلك وفريد يوحوح في المسجل وكلانا منصرفٌ عنه ، الفتى يحكي ... وأنا سارحٌ أقول لنفسي : جاتك خيبة يا ابن رجب .. ضيعت عمرك مع الحطيئة ، ورؤبة بن العجاج ، وابن خروف ، ومهيار الديلمي ... جاتها نيلة اللي عاوزة إنجاب !!