بين التصريح والإضمار ماذا تنتظر مصر؟ قراءة في خطاب الرئيس الأخير "1/ 3 "
يكاد
خطاب الرئيس الأخير في مؤتمر "التنمية الاستراتيجية لمصر 2030" هو
الخطاب الأطول منذ توليه الرئاسة والأكثر إثارة للجدل في الوقت ذاته بسبب ما فيه
من تصريح وإضمار.
فالمصرح
به كان الحديث عن تحديات البقاء وقسم الرئيس تحديات البقاء إلى قسمين «سياسات
خارجية وداخلية مشيرا إلى أن السياسات الخارجية تنقسم لمصالح دولية وامن القومي
المصري وتكامله مع الأمن القومي العربي واعتقاد كثير من الدول أن ما حدث في مصر في
يونيو 2013 كان انقلابا وليس استجابة لمطالب الشعب المصري.
أما عن
التحديات الداخلية فقال السيسي إن الأصل أن تكون مؤسسات الدولة قوية وسليمة. وذكر
السيسي انجازات العشرين شهرا الماضية والتي ارتكزت كلها على البنية الأساسية ففي
الطرق تم بناء خمسة آلاف كيلو و133 كوبري بتكلفة بلغت 50 مليار جنيه وبما لذلك من
تأثير على السيولة المرورية وتخفيض استهلاك الوقود وتوفير الوقت. وحل أزمة الطاقة
بتكلفة 150 مليار جنيه وزيادة إنتاج الكهرباء 50% مما تم طوال تاريخ مصر مما انهى
أزمة الكهرباء ووفرها للمستثمرين.
وفي
مجال المياه أشار الرئيس إلى انه سيتم عمل محطات معالجة ثلاثية للمياه لسد جزء من
العجز الذي سيحدث حين يبدأ ملأ المياه خلف سد النهضة. وأشار إلى بناء 600 ألف وحدة
سكنية في العام لحل أزمة السكن على مستوى الجمهورية ولم يفته الإشارة إلى أن يكون
السكن اجتماعيا أي يصلح لحياة الأسرة. وأشار الرئيس إلى أن تكلفة هذه المشاريع تصل
إلى نحو 400 مليار جنيه.
كما
تطرق الرئيس لمساعدات دول الخليج وشكرها وأوضح أن استهلاك مصر من الوقود بلغ ما
يصل إلى 380 مليار جنيه في عامين ساهمت فيهم دول الخليج بنحو 51 مليار جنيه وما
زلنا نحصل منهم على الوقود ولكن ليس تبرعات وإنما عقود آجلة. وكان من أخطر ما أشار اليه الرئيس هو ما لا
ينتبه له الأفراد فميزانية الدولة تصل إلى 850 مليار جنيه منهم 250 مليار دعم في
قطاع الطاقة والغاز والسلع والخدمات و250 مليار جنيه خدمة الدين أي فوائد الديون
أي أن أكثر من 58% من الموازنة العامة يضيع على هذين البندين فإن أضفنا لهما بند
المرتبات ويصل إلى 200 مليار جنيه يكون ما تبقي للإنفاق في كل المجالات هو 150
مليار جنيه فقط في الوقت الذي يبلغ فيه عجز الموازنة 250 مليار أي أنه لا يوجد ما
تنفق منه الدولة على أي شيء.
ولم
يتحدث الرئيس عن الإنفاق العسكري الإجباري الذي وجدت مصر نفسها مضطرة إليه في ظل
تزايد التحديات الأمنية بشكل لم يسبق له مثيل بسبب ما تمر به المنطقة العربية مما
أدي تحديث وتنويع مصادر التسليح ممثلة في شراء حاملتي طائرات الميسترال وطائرات
الرافال من فرنسا وطائرات الميج 29 و35 و52 طائرة هليكوبتر لحاملات الطائرات بجانب
منظومة الدفاع الجوي الحديثة s300 من روسيا. واستكمل الرئيس سلسلة الانجازات
بالانتهاء من مشروع شرق التفريعة خلال سنتين وانه يجري حفر 6 أنفاق أسفل قناة السويس
وانه تم الانتهاء من بناء 3 مطارات بسعة 1.7 مليون راكب، وتخصيص 200 مليار جنيه
لمشروعات الشباب الصغيرة وشديدة الصغر وبنك المعرفة.
وكل
ذلك وسط أزمة اقتصادية عالمية وانخفاض حاد في سعر البترول والحركة التجارية أثر
على دخل قناة السويس فلم يزد بل انخفض ما يقارب 150 مليون هذا العام، بجانب ضرب
السياحة في مقتل بسبب التظاهرات القليلة التي تضخم منها وسائل الاعلام والعمليات
الإرهابية في سيناء والتي امتدت للمدن والدعاية السلبية ضد مصر التي يمارسها
الخونة في الخارج وانتهت بحادثة الطائرة الروسية.
ولم
يفت الرئيس الإشارة إلى مجلس النواب والافتخار به كونه يضم نسبة كبيرة من النساء
والشباب، وكذلك إشادة بالحكومة وأن الوزراء جيدين والرئيس يعرفهم أكثر من الجميع
ويلتقي بهم يوميا وانهم لا يستفيدون شيئا من عملهم العام. انتهي كل ما يتعلق بالانجازات وشرح الوضع العام
وهو ما يبدو أنه كان في الحديث المكتوب ليمتلأ الخطاب بجمل ارتجالية كانت الأكثر
إثارة للجدل في كل خطابات الرئيس وهو ما نتناوله في الحلقات التالية