من فكر الجودة و الاعتماد الى فكر المهنية في التعليم العالي
الثلاثاء 22/ديسمبر/2015 - 01:36 ص
في افتتاح المؤتمر العلمي الثالث لكلية التمريض جامعة بنها، اعرب سعادة الاستاذ الدكتور وزير التعليم العالي عن امله في إحداث نقلة حضارية في التعليم العالي و الانتقال الى الرحاب الاوسع للمهنية و ممارستها، جاء ذلك في الكلمة التي القاها عنه سعادة الاستاذ الدكتور رئيس جامعة بنها . و بالرغم من ان هذا يبعث الامل و السعادة في نفسى و يكفى لكبح جماح طموحاتي لهذا القطاع العريض،
الا انه من المؤسف ان اجد نفسى امام محطات رئيسية تحول بين تحقيق هذه الطموحات. فعندما اجد انه منذ ان تم انشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم و الاعتماد عام 2006 و حتى الان لم تتمكن سوى ما يقرب من 70 كلية جامعية من جملة 577 كلية جامعية و معهدا للدراسات العليا حكومية و خاصة وأهلية بالإضافة الى جامعة الازهر و الجامعة الامريكية، من الحصول على الاعتماد ( أي نسبة 12,1%)، يجعلني هذا قلقا متسائلا عن المعوقات و التحديات التي لم تمكن الكليات الاخرى من فعل هذا و ماذا عن جانب المسائلة للقيادات و صناع القرار بهذه المؤسسات حول دورهم في دفع كلياتهم للحصول على هذا الاعتراف الذى يوثق للعلاقة الأمنة بين الكلية و المجتمع المحيط فيما تقدمه من خدمات تعليمية و بحثية و مجتمعية. ليس هذا فقط، بل ازيدك آخر، فاذا تفقدنا حالة الكليات ما بعد الاعتماد و استمرارية العمل بثقافة و فكر ضمان الجودة يكون الباعث الى هذا الطموح مفقود، فيكفني ان ارى في هذا المشهد خطط مفعلة للتطوير و الحسين و ادوات و اجراءات لتعزيز ما وصلت اليه هذه الكليات من مكانة معترف بها بان لديها من الكفاءة و الفاعلية ما يمكنها من احداث التميز و المهنية المنشودة و رضا للمستفيدين.
و في ظل دولة حديثة تنشد التطوير و التحسين و الوصول الى مصاف العالية في التعليم العالي، ترى، هل تم التوقف من قبل القائمين و صناع القرار بالتعليم العالي عند هذه المحطات و البحث بدقة للتعرف على الاسباب من وراء ذلك، حتى نتمكن من الانتقال الى فكر المهنية بأمن و سلام؟ ، ام ان الفكر الذى نهتم به هو ان نقطف من كل بستان زهرة!!!.
ان مغادرة فكر الجودة و الاعتماد الى فكر المهنية بأمان و سلام يتطلب منا توفير منظومة كاملة لإدارة الجودة الشاملة و هذا يتطلب الكثير من بذل الجهد و المال و الوقت لتشيد ثقافة من نوع جديد تخص قابلية البرامج التعليمية ذاتها للتواؤم مع المهن المختلفة بالمجتمع المحيط، تشيد بيئة تعليمية توفر تنوعا في فرص التعلم ، تعديل اجراءات التنسيق و القبول وضبط معايير الالتحاق في ضوء الاستعدادات الفكرية و النفسية للطلاب و ليس في ضوء ما يحصلون عليه من درجات بالمرحلة الثانوية، رصد الاموال و الميزانيات الملائمة لتلبية متطلبات العملية التعليمية من تدريب و تمهين للطلاب في المجالات المختلفة، هذا بالإضافة الى توفير قيادات ذات كفاءة عالية ومؤمنه بهذا الفكر التطوري و ليس الثبات او الردة الى الخلف.
نعم انه من المفيد اولا ان نستكمل منظومة الجودة التي بدأناها بجميع مؤسساتنا التعليمية و العمل على الانتقال بها من حالة الركود و السكون الورقي الى حالة التفعيل و الديناميكية الفعالة التي تحمل بين طياتها كل ما نطمح اليه من التخطيط و التفكير و الابداع و الابتكار و المهنية التي تنعكس اثارها بصورة ايجابية على مؤسسات المجتمع المحيط. سيدى،،، ان هذا ليس ببعيد المنال بل يمكن تحقيقية بشرط ان يتوافر بمؤسساتنا مناخ تسوده عناصر الحوكمة الرشيدة من الشفافية و المصداقية و المسائلة و المشاركة في صناعة القرار.
* كاتب المقال
اد احمد الخطيب- جامعة سوهاج