جامعة القاهرة تطلق موسمها الثقافي بندوة عن الهوية واللغة بحضور جمال الشاعر

أطلقت جامعة القاهرة، تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق، فعاليات الموسم الثقافي مع بداية الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2024-2025. وجاءت الانطلاقة بندوة علمية وشعرية بعنوان "قضية اللغة وتعزيز الهوية الوطنية"، والتي استضافت الشاعر والإعلامي البارز الدكتور جمال الشاعر بقاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة.

ندوة فكرية بحضور نخبة من المثقفين

شهدت الندوة حضورًا واسعًا من أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب من مختلف الكليات، وأدارها كل من الدكتور عبدالله التطاوي المستشار الثقافي لرئيس جامعة القاهرة، والدكتور محمد منصور هيبة المستشار الإعلامي لرئيس الجامعة والمتحدث الرسمي باسمها.

تعزيز الفكر والانتماء بين الطلاب

يأتي الموسم الثقافي لـ جامعة القاهرة ضمن توجيهات رئيس الجامعة بضرورة تكثيف اللقاءات الفكرية مع الطلاب، وفتح آفاق معرفية جديدة لهم من خلال استضافة كبار المفكرين والعلماء والإعلاميين. ويهدف هذا النهج إلى تعزيز وعي الشباب بالقضايا المجتمعية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي، مما يسهم في تنمية الشخصية الطلابية وترسيخ قيم الولاء والانتماء للوطن.

دور اللغة في بناء الهوية الوطنية

وفي كلمته خلال الندوة، رحّب الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، بالشاعر الكبير الدكتور جمال الشاعر، مؤكدًا أن أعماله الإعلامية والثقافية شكلت إضافة قيمة للساحة الفكرية، وأنه يُعد نموذجًا يُحتذى به في تقديم محتوى يجمع بين العلم والأدب والإعلام والثقافة.

كما أشار رئيس جامعة القاهرة إلى إطلاق "قاموس القاهرة العصري للشباب العربي"، الذي تم تدشينه خلال فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، بنسختيه الورقية والإلكترونية. وأكد على أهمية اللغة في ترسيخ الهوية الوطنية، مشيرًا إلى تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة الاهتمام بها، حيث تتعدد مستويات استخدامها وفقًا لمجالاتها المختلفة، مثل القانون والإعلام والأدب.

موسم ثقافي متجدد وفعاليات متنوعة

تواصل جامعة جامعة القاهرة تقديم فعاليات ثقافية وفكرية تستهدف إثراء الفكر الطلابي وتعزيز التواصل بين الأجيال المختلفة، من خلال لقاءات وندوات تفتح المجال للنقاش الحر والتفاعل المثمر مع رموز الفكر والثقافة في مصر والعالم العربي.

جامعة القاهرة.. قوة مصر الناعمة في المشهد الثقافي والأكاديمي

أكد الدكتور جمال الشاعر، خلال كلمته، الدور المحوري الذي تلعبه جامعة القاهرة في إحداث تغيير جوهري في المشهد الثقافي والأكاديمي والإبداعي، واصفًا إياها بأنها "رأس الحربة للقوة الناعمة لمصر". كما هنأ الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس الجامعة، بمناسبة صدور قاموس "القاهرة العصري للشباب العربي"، الذي يُعد إنجازًا معرفيًا مماثلًا لقواميس عالمية كأوكسفورد وكامبريدج.

أهمية اللغة في ترسيخ الهوية الوطنية

تحدث الدكتور الشاعر عن الارتباط الوثيق بين اللغة والهوية الوطنية في ظل التحديات الراهنة التي تستهدف إضعاف اللغة العربية والتأثير على العقل العربي. وأكد على ضرورة تحصين الشباب فكريًا ولغويًا للحفاظ على هويتهم الثقافية واحترام الرموز الفكرية، مشيرًا إلى خطورة تراجع اللغة العربية وأهمية تعريب العلوم لضمان مواكبة التطورات المعرفية الحديثة.

تحديات الشباب في ظل التحولات الرقمية

تناول الدكتور الشاعر العقبات التي تواجه الشباب المصري حاليًا، لا سيما التحديات الاقتصادية وصعوبة الحصول على وظائف ملائمة. وأشار إلى أهمية التحفيز الذاتي في تحقيق إنجازات كبرى رغم التحول المتسارع نحو المستعمرات الرقمية، داعيًا الشباب إلى اكتساب ثقافة علمية تواكب متطلبات العصر وسد الفجوة اللغوية التي قد تؤدي إلى صراعات فكرية، مع الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في الترجمة بمراجعة الخبراء والمتخصصين.

التجارب العالمية في تدريس العلوم.. أين نقف؟

استعرض الدكتور الشاعر خريطة تعليم العلوم عالميًا، موضحًا أن معظم الدول الأوروبية والآسيوية والأمريكتين تدرّس العلوم بلغاتها الأصلية، مما ساعدها على تحقيق تقدم علمي كبير، في حين أن الدول الإفريقية، التي تعتمد على التدريس بلغات أجنبية، تعاني من تأخر ملحوظ. وحذر من خطورة هذا النهج على الهوية ومستقبل الأجيال القادمة، داعيًا إلى تعزيز الابتكار والاختراع من خلال تبني نموذج تعريب العلوم.

مقترحات لتعريب العلوم وتطوير المعرفة

قدم الدكتور الشاعر عدة مقترحات لدعم مشروع تعريب العلوم، أبرزها:

1. إنشاء وحدة ترجمة متخصصة بالمجلس الأعلى للجامعات، تضم نخبة من الخبراء في مختلف اللغات والتخصصات، بهدف ترجمة أحدث الأبحاث والإنجازات العلمية العالمية.
2. تكليف المبعوثين الأكاديميين بالخارج بترجمة كتابين أحدهما في أساسيات تخصصهم والآخر في أحدث المستجدات العلمية، على أن تخضع هذه الترجمات للمراجعة العلمية الدورية.
3. إطلاق منصة رقمية متطورة بجامعة القاهرة بالتعاون بين كليات الهندسة والحاسبات والذكاء الاصطناعي، لتكون بمثابة مركز تفاعلي يساهم في نشر المعرفة العلمية باللغة العربية.

واختتم الدكتور الشاعر حديثه بالتأكيد على أن تعريب العلوم ليس مجرد مشروع لغوي، بل هو استراتيجية ضرورية لضمان النهضة العلمية والحفاظ على الهوية الثقافية للأجيال القادمة.

تثقيف العقل والوجدان.. رسالة جامعة القاهرة الأساسية

أكد الدكتور عبد الله التطاوي أن جامعة القاهرة تلتزم برسالتها الجوهرية في تثقيف عقول ووجدان الطلاب من خلال مصادر وطنية موثوقة، مستندة إلى إرث الآباء المؤسسين الذين وضعوا الأسس المتينة للجامعة. وأوضح أن الجامعة، بقيادتها الرشيدة، تواصل مسيرتها في التحديث والتطوير لمواكبة العصر. كما شدد على أهمية تعزيز الهوية الوطنية لطلاب جامعة القاهرة، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تتطلب ترسيخ القيم الوطنية لديهم عبر استضافة شخصيات وطنية مؤثرة تشكل مرجعية فكرية وقدوة للأجيال الشابة.

الإعلام الناجح.. مقومات ضرورية ورسالة جامعة القاهرة

تحدث الدكتور محمد منصور هيبة عن الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الإعلامي الناجح، والتي تشمل إتقان اللغة، والثقافة الواسعة، والجاذبية الجماهيرية، والمصداقية لدى الرأي العام، مؤكدًا أن هذه الصفات تتجسد في شخصية الدكتور جمال الشاعر. كما أشاد بمقولته عن تحول العالم إلى "مستعمرات رقمية"، وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها، داعيًا طلاب جامعة القاهرة إلى إدراك خطورة هذا التحول والسعي لاكتساب المعرفة والوعي لمواجهة هذه التحديات.

مصر القوية.. رؤية جامعة القاهرة لدور الوطن وأبنائه

أكد المستشار الإعلامي لرئيس جامعة القاهرة أن مصر ستظل محصنة بإرادة إلهية، وعصية على الانكسار بفضل جيشها الوطني، وقيادتها السياسية، وعلمائها، وشعبها الأصيل، مشيرًا إلى أن مصر، التي صنعت الحضارة منذ آلاف السنين، تدرك مكانتها التاريخية وتحتاج إلى جهود أبنائها المخلصين في مختلف المجالات للحفاظ على مكانتها وريادتها.

الإبداع الفكري والحوار.. جامعة القاهرة منصة للتفاعل والتنوير

اختتم الدكتور جمال الشاعر اللقاء بإلقاء مجموعة من القصائد الشعرية، في أجواء ثقافية ملهمة، تلاها فتح باب المناقشة والحوار مع الطلاب، بهدف إثراء فكرهم وتعزيز وعيهم بالتحديات الراهنة. وفي ختام الفعالية، قام الدكتور محمد سامي عبد الصادق بتكريم الدكتور جمال الشاعر بمنحه درع جامعة القاهرة، تقديرًا لدوره البارز في دعم المشهد الإعلامي والثقافي، وترسيخ الوعي لدى الأجيال الجديدة.