شجون جامعية
التعليمُ أخلاقٌ وعِلمٌ وثقافةٌ
في أغلبِ دولِ العالمِ، لا يقبلُ التعليمُ التبديلَ والتغييرَ باستمرارٍ، لكنه عندنا لا يرسى على برٍ في المستويين قبل الجامعي والجامعي. أثارَت القراراتُ التَخفيفيةُ الدَمجيةُ المُفاجئةِ التي أصدرَها وزيرُ التربيةِ والتعليمِ ضجةً كبيرةً على مستوى العاملين بالتعليمِ والمُتخَصِصين والأسرِ. موادٌ اِختَفَت مثل الميكانيكا وهي من أسسِ الدراساتِ الهندسيةِ، وموادٌ خرَجَت من المجموعِ بمعنى إهمالِها كاللغةِ الأجنبيةِ الثانيةِ في عالمٍ يقومُ على فهمِ الشعوبِ ودراسةِ ثقافتِها، والجيولوجيا التي تبيِّن كيفَ هي الأرض التي نعيشُ عليها، وعلمِ النفسِ الذي يشرحُ النفسَ البشريةِ.
التعديلاتُ تمَت بعد حوارٍ وبعدما دُرِسَت نظمُ التعليمِ في دولٍ عِدةٍ، هكذا قيل، لكن من غيرِ الواضحِ كيف ومتى، المهمُ أنه "زي برة". سبَقَ أن اِبتُسِرَت الدراساتِ الهندسيةُ بتخفيضِ السنواتِ وساعاتِ دراسةِ الموادِ المُتبقيةِ، وأصبحَت المهنةُ في أزمة، والآن الدراساتِ الثانويةِ المؤديةِ لها ولغيرِها من كلياتٍ اِختُصِرَت لحدِها الأدنى.
أهو تخفيفٌ للتطويرِ؟ أم هو حلٌ اِقتصاديٌ لتخفيضِ المعاناةِ من الأسعارِ برفعِ الدروسِ الخصوصيةِ من خريطَتِها، ولو جزئيًا؟ هل إضعافُ موادٍ تحت لافتةِ "اختيارية" هو للتخلصِ من عبءِ تعيينِ مدرسين لها؟ ثم أين موادُ السلوكياتِ والأخلاقياتِ لعلها تُصلحُ ما أفسدَته أفلامُ ومسلسلاتُ البلطجةِ والتنَمرِ؟
الدمجُ والتخفيفُ كَرَسَ شعارَ هات م الأخر. موادٌ اِختياريةُ، ما يعني صراحةً خروجَها من المجموعِ وضمنًا من الدراسةِ، وواقعًا من العلمِ وحتى المعلوماتِ العامةِ والثقافةِ. هل غَلَبَ الاِقتصادُ التعليمَ وخفَفَه أيضًا من ضمنِ الأحمالِ؟ مع شكرِ كلِ جَهدٍ، جاءَ وزيرٌ بالتابلت ورحلَ، ثم تلاه وزيرٌ للتخفيفِ، ثم ماذا؟
الدمجُ أصبحَ محلَ تندُرٍ على مواقعِ التواصلِ مثل دمجِ تخصصِ الرمدِ مع المخِ
الدمجُ أصبحَ محلَ تندُرٍ على مواقعِ التواصلِ، مثل دمجِ تخصصِ الرمدِ مع المخِ والأعصابِ ليكون تخصصَ عين العقل، وتخصصِ القلبِ مع النساءِ والولادةِ ليكونُ تخصصَ قلبِ الأمِ، ودمجِ كليةِ طبِ الأسنانِ وكليةِ الألسنِ لتكونُ كليةَ البوءِ، وغيرِه وغيرِه!!
هل اِقتَنعَ المصريون بالدمجِ والتخفيفِ على الرغمِ من تخفيضِ ميزانيةِ الدروسِ الخصوصيةِ؟ هل ستأتي أجيالٌ من علماءٍ وأدباءٍ ومفكرين وفنانين حقيقيين؟ متى تعودُ متعةُ القراءةِ والمشاهدةِ واِنتظارِ صحفِ الصباحِ؟ مصر الكبيرةٌ عُرِفَت بحضارتِها وثقافتِها، وليس بأخلاقياتِ التوك توك والتيك توك،،
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،
كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس