زمالة التدريس،،،،، و ماذا بعد ايها الجامعيون؟
الأربعاء 04/نوفمبر/2015 - 07:41 ص
لكوني احد المنتمين الى هذا القطاع الذى افتخر به و اقدس العمل فيه فأصبحت من اصحاب متلازمة القراءة و البحث يوميا عن اخبار التعليم العالي في كل المصادر الاعلامية و الجوانب المتعددة لهذا القطاع بدأ من التنظيم الى التشريع. و اثناء القراءة و البحث يراودني دائما السؤال: هل بالفعل نريد اصلاحا للتعليم العالي ام نريد غير ذلك؟ و هل اولى الامر لا يعرفون ما يدور بفكر ى و فكر الاخرين من زملائي حول سبل النهوض بهذا القطاع؟ حتى حينما اتناقش مع الزملاء المهتمين بشئون هذا القطاع، ايضا تجدنا نصل الى نفس القناعة، أليس اولى الامر يناقشون ما نناقشه نحن الان؟ هل هم لا يعلمون جيدا بهذه الخطوات الاصلاحية، ام هم بعزله عن مجتمع الجامعة و الجامعيون؟
و بالرغم من ذلك فإننا نرحب بكل التوجهات نحو تطوير القطاع لكن في اطار من المشاركة الحقيقية للمنتمين اليه و الاستفادة من آرائهم و مقترحاتهم و احساسهم بملكية هذا القطاع حتى يتوافر الالزام لديهم بتنفيذ الاجراءات و الاليات للتصحيح و التطوير فكما يقولون "اهل مكة ادرى بشعابها" . و اعتقد ان لدينا العديد من التجارب مع التطوير و برامج و اتفاقيات الصداقة و الشراكة مع الجانب الاجنى (و نرحب بها اينما حلت)، البنك الدولي، اليابان، و الاتحاد الأوربي و النوافذ المتعددة لعملية بولينا و بالذات مع الجانب البريطاني من خلال نيوتن-مشرفة ، و لكن كان يجب علينا اولا ان نقيم نتائجها بصورة مرحلية، حتى نقف على مدى جدواها!. المشكلة ليست في الاتفاقيات و المشروعات الاجنبية بل في سياستنا المحلية للتعامل مع النتائج و متابعة تنفيذها و العمل على استمرارية نجاحها.
فتلك هي الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العالي (2002-2017) و برنامجها القومي ذات الست مشروعات و الذى تم تنفيذه على عدة مراحل بتمويل قدره 50 مليون دولار أمريكي (البنك الدولي) و يقابلها ما يعادل 10 مليون دولار من المكون المحلى، ترى هل تم تقييم نتائجه؟ هل تم الاستفادة من نتائج هذا التقييم؟ اعتقد ان الامر يحتاج الى نقاش طويل فيما يخص المتابعة و الاستمرارية بهذا الشأن! . و لا اذهب بعيدا عن محور الموضوع، حيث كان من مخرجات هذا المشروع هو انشاء المركز القومي لتنمية قدرات اعضاء هيئة التدريس و القيادات الجامعية و فروعة بالجامعات المصرية و اعتماد المركز و عدد من فروعة بالجامعات و كذلك الصرف على اعتماد مدربين دوليين من هيئة اعتماد دولية، لكن ما مصيره الان؟ اليس من الاولى ان نهتم بهذا المركز و فروعة و نوفر له الامكانات اللازمة لتمكينه من القيام بمهامه و رسالته بدلا من البدء في تجربة جديدة و هي انشاء اكاديمية لمنح شهادة الزمالة لأعضاء هيئة التدريس، و ان كان ليس لدينا مانع من ذلك؟ الى متى سنظل نعشق تحديث المسميات؟ ام ماذا تريدون يا اهل الخبرة؟. الم يكن لدينا مركزا قوميا للتقويم و القياس و ايضا فروعة المنشأة بالجامعات و وحداته بالكليات و لدية من الكوادر البشرية المصرية المؤهلة ما يكفيه ؟ علينا ان نبحث حول الاسباب المادية و الادارية وراء عدم تفعيله؟ ايضا، الم تكن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم و الاعتماد هي احد مخرجات التطوير للمرحلة السابقة و التي اصبحت صرحا يمتلك من الموارد البشرية المصرية و كذلك المراجع القومية لأعمال اجراءات ضمان و تقييم الجودة ما يكفيها؟ علينا ان نبحث في ذات الاسباب المادية و الادارية التي تعوق من نشاطاتها و تحقيق اهدافها؟ ...
و بالافتراض جدلا ان القائمين بالعمل حاليا كأعضاء هيئة تدريس بالمؤسسات الوطنية غير مؤهلين لهذه المهنة، فلماذا هم ينجحون في ذلك عندما يعملون في جامعات أوربا و امريكا و الخليج العربي دون حصولهم على زمالة تدريسية؟، على الجانب الاخر، ألم يكن لدينا من الكوادر و العقول المهاجرة في بلاد الغرب و امريكا و بالذات بريطانيا من يبلون بلاء حسنا في مؤسسات هذه البلدان و يصلون بها الى مراتب متميزة فى التصنيف العالمي للجامعات، اذن فلتكن المبادرة و خطوة الاصلاح هي استرجاع هذه الكوادر و الاستفادة منها في تطوير مؤسساتنا و تنمية كوادرنا على المستوى الوطني، فهم اقرب فهمنا و دراية بظروفنا و مناخنا الوطني، و اعتقد ان لديهم من الولاء و الانتماء ما يدفعهم الى ذلك حينما يتوافر لهم المناخ الملائم.
و لا استرسل اكثر من ذلك في تعديد النتائج فهي واضحة امام الجميع، بل ما ذكرته من أمثله فهو للتذكير بأن الجامعات المصرية لديها العديد و العديد من الكوادر الفنية المدربة و العلماء و الباحثين الاجلاء ما يكفيها لوضع مسيرة الاصلاح و التطوير. و ان كان لابد من التطوير فعلينا اعادة القراءة لما ورد وثيقة تقير حالة التعليم المصري لمراجعة سياسته الوطنية و التي اجرتها منظمة التعاون و التنمية في الميدان الاقتصادي OECD بالتعاون مع البنك الدولي عام 2010 و التي تضمنت من بين الاجراءات اللازمة للتطوير: تحسين التوجيه و التنسيق على المستوى الوطني و الحد من الجمود الهيكلي في نظام التعليم العالي، بالإضافة الى تمويل النظام بأسلوب يتسم بمزيد من العدالة و الكفاءة و بطريقة قابلة للدوام.
اذن لماذا الاصرار على تغريب تعليمنا؟ فان كنا جاديين نحو التطوير فلابد من الاستماع الى آراء اعضاء هيئة التدريس في ذلك الشأن او استقبال مقترحاتهم في شأن امرين: الاول تشخيصهم لأبرز المشكلات التي تعانى منها مؤسسات التعليم العالي في مصر و اوجه القصور و الجهات المسئولة عن ذلك و الثاني ترتيبهم للأولويات التي تحتاج الى عمليات اصلاح و تطوير عاجل. و على الوزارة ان تقوم بوضع محاور اولية للتطوير و مجموعة من الاهداف العليا على هدى ذلك التشخيص و تلك الاولويات لأجراء الاصلاحات الهيكلية و تفعيل نظم الحوكمة و المسائلة ، فالقضية لا تكمن في الموارد المالية بقدر ادارة ما هو متاح من الموارد المادية برؤية اكثر كفاءة و تنافسية لإحداث التميز المنشود.
حمى الله مصر و مؤسساتها