ملاعيب شيحة والكتاب الجامعي
"طالب الجامعة ليس مجبرا على شراء كتاب جامعي"..
قاعدة ثابتة ارتبطت لعقود طويلة بمنظومة الجامعات، بالطبع كانت هناك خروقات لأعضاء تدريس يفرضون على الطالب شراء الكتاب بصورة من الصور لكن في المجمل كان ذلك يتم على استحياء واستهجان، وكثيرا من أعضاء التدريس كانوا يعانون خسائر باهظة نتاج تحملهم طباعة كتاب لايشتريه الطالب،والأكثر كانوا يهبون الكتب مجانا لعدد كبير من الطلاب.
باختصار كان هناك طوال الوقت مبدأ ثابت الأصل فيه طلب العلم بالجامعة مرتبط بالجهد البحثي، والكتاب البحثي أداة مساعدة للطالب يجازي الأستاذ خيرا بطباعته، ويشتريه الطالب لقيمته العلمية.
الأوضاع الاقتصادية وتردي أجور أعضاء هيئات التدريس، جعل من الكتاب وسيلة تعويض للأستاذ عن جانب ولو صغير من نفقاته على الأبحاث الملزم بإعدادها لاستكمال مسيرته العلمية والتي لايمكن لراتبه الضعيف تحملها.
لكن ظل جانب من أعضاء التدريس يتعففون عن تعزيز موقفهم المالي على حساب الطالب حتى في حالات انتهاك الطالب والمكتبات حقوق أعضاء التدريس الفكرية بتصوير وطباعة نسخ غير شرعية من مؤلفاتهم.
استحداث نظام الكتب الإلكترونية العام قبل الماضي كانت حجته المعلنة السير في ركب التحول الرقمي،وضمان حقوق أعضاء التدريس في التأليف، لكن التطبيق على أرض الواقع حفل بانتهاكات تتعارض مع القيم الجامعية أولها مزاحمة بعض الإدارات الجامعية وقيادات الكليات أعضاء التدريس في حقوقهم المالية باقتطاع نسبة مما يتم تحصيله من الطالب مقابل الكتب الرقمية باعتبار الكلية هي المسؤولة عن تحصيل حصيلة الكتب الرقمية وإعدادها إلكترونيا، ولا أفهم معنى إعدادها إلكترونيا.
أما الخرق الأكبر للقيم الجامعية فكان إلزام الطالب بدفع رسوم الكتب وربطها بالمصروفات الجامعية بل ولجأ بعض عمداء الكليات إلى توجيه شئون الطلاب بمطاردة الطالب داخل لجان الامتحان والتهديد بحرمانه من دخول الامتحانات إذا لم يسدد رسوم الكتب والمصروفات الجامعية.
أما الأدهى من ذلك فهو ماشهدته بعض كليات جامعات الأقاليم التى أصرت على تحميل الطالب رسوم الكتاب الإلكتروني رغم تنازل أعضاء التدريس عن حقوقهم المالية. ومن ذلك تلك الرسالة التي تلقيتها من عضو تدريس بإحدى جامعات الصعيد يقول فيها: إدراكا مني للظروف الاقتصادية الصعبة أخطرت إدارة الكلية بتنازلي عن حق تأليف الكتاب مقابل طرحه مجانا للطلاب لكن الكلية لم تستجب لذلك الطلب، بل وتقوم بإجبار الطلاب لشراء الكتب الجامعية ومن ضمنها الكتب الخاصة بالمقررات التي أقوم بتدريسها مقابل استخدام المنصة التعليمية.
أما أخطر ما تضمنته رسالة عضو التدريس فهي الأساليب التي تلجأ إليها الإدارة لإجبار الطالب على شراء الكتب الجامعية وذلك بعدة طرق مستترة ذكرتها الرسالة على النحو التالي:
- ربط جميع الكتب الجامعية للفرقة الواحدة ببعضها ويقوم الطالب بدفعها مرة واحدة ولا يجوز دفع كتاب وآخر وفقا لاحتياجاته.
- ربط ثمن الكتاب الجامعي بالمصروفات الدراسية فلا يستطيع الطالب استلام الكارنيه الخاص به، حتى لو سدد المصروفات الدراسية سوى بعد سداد قيمة الكتاب الجامعي.
- تنبيه إدارة الكلية خلال المحاضرات الطلاب بصيغة تهديدية بضرورة دفع قيمة المصروفات الدراسية وثمن الكتب والمنصة.
- منع دخول الطلاب للمحاضرات سوى بوجود الكارنيه والذى لا يتم تسليمه للطالب سوى بعد دفع قيمة الكتب والمنصة، حتى لو دفع المصروفات الدراسية.
- عمل امتحانات اعمال سنة عملي وعدم السماح للطلاب بدخولها سوى بالكارنيه.
- عمل امتحانات أعمال سنة نظري على المنصة التعليمية والتي لا يستطيع الطالب الدخول إليها سوى بعد دفع مصاريف الكتاب الجامعي.
كل ذلك يتم بالمخالفة لقرارات المجلس الأعلى للجامعات ولأحكام المحكمة الإدارية العليا التي تنص على انه لايجب بأي حال من الأحوال إجبار الطلاب بطرق مباشرة أو مستترة على شراء الكتب الجامعية.
هل يدرك هؤلاء المتطلعون إلى مكاسب ضيقة بتصرفاتهم تلك.. إنهم يهدمون قيما أساسية قامت عليها الجامعات، ويقطعون كل السبل أمام ربط الأجيال الجديدة بالقدوة.ماذا تنتظر من طالب يرى أستاذه يمارس كل تلك الحيل التي تتعارض مع مايتم التشدق به في المحاضرات.