الثانوية العامة هى سبب العديد من أزمات التعليم
نعم أصبحت الثانوية العامة فى مصر هى سبب
العديد من أزمات التعليم سواء ما قبل الجامعى أو الجامعى، فهى السبب فى زيادة الدروس
الخصوصية بشكل مرضى بعد أن حولت التعليم إلى تعليم مواز فى المنازل والسناتر، وهى التى
تسببت فى تراجع دور المدرسة التربوى فى بناء الأجيال ودورها فى التربية والتنشئة والتثقيف
والتوجيه بعد أن هجر الطلاب المدارس من أجل الدروس الخصوصية التى تدرب الطلاب على كيفية
تجميع درجات فقط ولم يعد للمدرس أو المدرسة دور فى تربية النشئ وبناء وتشكيل وجدان
الشباب.
نعم الثانوية العامة حاليا هى السبب الرئيس
فى عزوف الطلاب عن الإلتحاق بالقسم العلمى بشعبيته ( علوم ورياضيات) والاتجاه إلى القسم
الأدبى لضمان الألتحاق بأى كلية نظرية مع أن معظم خريجى هذه الكليات يدخلون فى طابور
البطالة بعد تخرجهم لقلة الحاجة لتخصصهم النظرى الذى درسوه فى هذه الكليات سواء كان
ذلك بكليات مثل الأداب أو الحقوق أو التجارة أو الخدمة الأجتماعية وغيرها، وهو ما سبق
أن أشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة فى الفترة الأخيرة خاصة بعد أن أصبح
ما يقرب من 48 ٪ من إجمالى طلاب الثانوية الـعـامـة حـالـيـا يـتـجـهـون للالتـحـاق
بالقسم الأدبـى وتراجع طموح الطلاب فى الألتحاق بالكليات العملية التطبيقية، مع أن
المعدل العالمى فى معظم دول العالم يتراوح ما بني 35 ٪ إلـى 30 ٪ فقط من طـلاب الثانوى
العام هم الذين يتجهون للدراسات الإنسانية والجزء الأكبر يتجه للآلتحاق بالقسم العلمى
بأى من شعبتيه سواء علمى علوم أو علمى رياضة، وهو الذى يعد الطلاب المؤهلين للالتحاق
بالكليات العملية مثل الطب والهندسة والصيدلة والعلوم والعلاج الطبيعى والحاسبات والهندسة
والفنون التطبيقية وغيرها.. وقد كان هذا هو واقع المرحلة الثانوية عندنا حتى منتصف
السبعينيات حيث كانت فصول الأدبى فى أى مدرسة لا تزيد على 25 ٪ من إجمالى فصول العلمى.
إلا أن الحال قد تبدل الآن وأصبح العكس هو السائد حاليا. وهذا هو الخطر بعينه، وقد
بدأت نتائجه تظهر بشكل واضح فى العام الماضى بعد أن وجدنا لأول مرة العديد من الكليات
العملية كالطب والصيدلة وطب الأسنان وغيرها لم تستوف الأعداد المقررة لها سواء بالجامعات
الخاصة أو الأهلية التى تمثل الكليات العملية بها الجزء الأكبر فى أى جامعة منها، وكان
السبب فى ذلك هو قلة أعـداد الطلاب الناجحين من القسم العلمى بشعبتيه مقارنة بالأماكن
المتاحة، وقد تـزداد الأمـور سوءا فى العام القادم مع تزايد أعداد الجامعات الأهلية
الجديدة التى تضم فى معظمها الكليات التطبيقية التى يحتاجها بالفعل سوق العمل.
ويبقى السؤال: ما هو الحل؟ وكيف نقوم بإصلاح
كفة المـيـزان فى تخصصات الثانوية الـعـامـة، وفــى حـجـم الـتـعـلـيـم الجامـعـى فى
الكليات العملية التطبيقية؟
والإجابة ببساطة هو ضرورة تغيير الثقافة
المجتمعية لدى الطلاب وأولياء الأمـور جتاه التخصصات العلمية التطبيقية، وضرورة زيادة
الالتحاق بها نظرا لحاجة المجتمع لخريجيها، وهذا لن يتم بالطبع بسهولة أو بين يوم وليلة،
ولكن لابد من وزارة التربية والتعليم وحدها أن تقوم بتقليص عدد فصول الأدبـى فى كل
مدرسة ثانوية وتجعلها لا تزيد على 25٪ من إجمالى فصول أى مدرسة، وأن يكون الجزء الأكبر
للفصول التى تضم طلاب القسم العلمى بشعبتيه وذلـك مثلما كـان الوضع قبل ذلك فى كل مدارسنا
الثانوية العامة. هذا إذا أردنا الإصالح بجد، وأردنا تقليل حجم البطالة من خريجى الكليات
النظرية الأدبية، والعمل بشكل حقيقى على زيادة الإقبال على التخصصات العلمية التطبيقية
التى يحتاجها المجتمع فعال ويحتاجها البحث العلمى ايضا الذى يعتبر قاطرة التنمية فى
أى دولة.