الكتاب الجامعي وهل المشكلة في خمسة جنيهات.. أم في اغتيال جيل بأكمله!
الثلاثاء 08/ديسمبر/2020 - 01:40 م
على الرغم من دخولنا في القرن الواحد وعشرين وكل ما تزامن معه من تطور تكنولوچي وبرجماتي، وبالرغم عن كل ما يدور حولنا من قفزات آلية أعقبتها طفرات عالمية في شتى مناحي الحياة، إلا أن البعض ما زال مصراً على الانغماس بل وغمس الأجيال الجديدة من طلاب الجامعة في الماضي السحيق بأدواته العقيمة، التي عاف عليها الزمن.
إشتد حزني وأسفي بمشاهدة إحدى حلقات أحد برامج التوك شو الشهيرة يناقش قضية عدم التزام بعض أعضاء هيئة التدريس بإحدى الجامعات الإقليمية بالثمن المقرر لبيع الكتاب للطلاب وموقف إدارة الكلية الرافض لذلك، ووجدتني والدمعة تكاد تفر من عيناي أتساءل؛ لماذا وصلنا لهذه المرحلة؟.
والسؤال يطرح نفسه أيضاً؛ هل يُجيز لنا نحن أعضاء هيئة التدريس ضعف أجورنا التربح من بيع كتاب جامعي دون النظر لمحتواه! ودون أن نكون نحن مؤلفيه!
ورغم ما أعانيه كغيري من السادة أعضاء هيئة التدريس من ضعف الأجور مقارنةً بمهامتنا ونفقاتنا المتزايدة على البحث والسفر وغيره ومقارنةً ببعض الوظائف الأخرى، إلا إنني ما زلت أجد لدي يقين بأن ذلك ليس سبباً لأن يبيع البعض كتاباً يحمل بين جلدتيه معلومات عاف عليها الزمن، في الغالب كتبها غيره في القرن الماضي! ولا أجد مبرراً لأن يُشمل البعض الكتاب بمايسمى بالشيت (صك الغفران) الذي يضمن أن الطالب قد اشترى الكتاب، حيث يستوجب عليه تسليم الشيت للاستاذ فور شراء هذا الكتاب، وهو أمر داعٍ للخجل.
إذن فالقضية أعمق بكثير من زيادة بعض جنيهات على سعر الكتاب المقرر.
وفي ظل تدني المستوى المعيشي لكثير من الأسر المصرية، جراء أزمة كورونا وفي ظل مصرنا الجديدة وقيادة سياسية جادة لا تترك باباً للتطوير في شتى ربوع المحروسة إلا وسعت إليه، فهل يترك الأمر كذلك؟
وهل في عصر يحمل الكثير من أدوات المعرفة ما زلنا مصرين أن مصدر المعلومة للطالب الجامعي هو الكتاب، الذي يبيعه البعض وليس من تأليفه! وهل ما زالت بعض الأقسام العلمية تقف عائقاً أمام تعيين أعضاء هيئة تدريس أو نقلهم من جامعات أخرى لتدعيم القوة البشرية لديها، فقط خوفاً على تشتت ثمن الكتاب؟
للأسف إن ذلك يسئ لكثير من الشرفاء من السادة أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية، اللذين علموا العالم العلم والأخلاق والشرف.
همسة في أذن زميل؛ طالب اليوم ليس كطالب الأمس، ولم يعد هناك مجالاً للتلقين، فلك أن تعلم و تتيقن أن ما تلقنه الطالب من معلومات لم يُعد هو المرتجى، فبإمكانه الولوج لأحد مواقع البحث في هاتفه الجوال ليحصل منها على أضعاف ما تمليه عليه من معلومات وربما أحدث بكثير، فلم تُعد الفرصة سانحة أن يجد البعض في نفسه طه حسين ولا جمال حمدان، فالمعرفة أصبحت مجانية، لكن دورنا أصبح في التوجيه السليم ونقل الخبرات وتعليم المهارات للطلاب بقدر يفوق المعرفة الجامدة.
و من المحزن أن نجد أنفسنا نحن مجتمع العلماء من أساتذة الجامعة الشرفاء ممن نكد ونرهق جراء بحث علمي لا ينقطع وقراءة وتحقيق لرسائل علمية وأبحاث وغيرها من أعمال إدارية وقومية على شاشات برامج التوك شو، ليس للتكريم ولكن للاتهام جراء بعض أفعال الزملاء، التي ينكرها الشرفاء في المجتمع الجامعي وهم الأغلبية.