طفل المرور والجامعات
الخميس 05/نوفمبر/2020 - 09:49 م
طفَت على سطحِ مواقعِ التواصلِ فيديوهات لتحاوزاتٍ مسيئةٍ من طفلٍ ورفاقِه في حقِ رجالِ المرورِ وكثيرٍ من المصريين. تدخَلَت النيابةُ العامةُ ووزارةُ الداخليةِ والتقَطَ الإعلامُ الوقائعَ حسب توجهاتِه. أوضحَت الفيديوهات بجلاءٍ انفلاتًا سلوكيًا وخللًا نفسيًا أصابا الطفلَ لعيبٍ في تنشئتِه. التدليلُ وغرسُ الشعورِ بالتميُّزِ وصلا بالطفلِ وأسرتِه إلى موقفٍ حَرجٍ أمام المجتمعِ والدولةِ. هل طفلُ المرورِ هو الحالةُ الوحيدةُ؟ قطعًا لا، لكنه الحالةُ التي أثارَت مواقعَ التواصلِ باعتبارِها المحركُ المضمونُ لردودِ الأفعالِ شعبيًا ورسميًا..
لماذا تفشَت الطبقيةُ بصورةٍ فجةٍ مستفزةٍ؟ للتمييزِ جذورُه في المجتمعِ المصري، فهو لطبقةٍ مثل الحكامِ والأثرياءِ أو لفئةٍ وظيفيةٍ مثل الضباطِ والقضاةِ والمقربين من طبقةِ الحكامِ والأثرياءِ. تزدادُ نعراتُ التمييزِ مع تبدُلِ الظروفِ السياسيةِ والاجتماعيةِ، فتزدادُ ميلًا لطبقةٍ بعينِها، وهو ما ظهرَ في سلوكياتِ غُرِسَت في طفلِ المرورِ التي تبدى رفضُها في قدرِ ما أثارَته من حساسياتٍ أدَت إلى غضبٍ عامٍ قادَتَه مواقعُ التواصلِ.
المؤسساتُ التعليميةُ هي أولُ المتأثرين بالطبقيةِ والمتفاعلين معها، فتجدُ مدارسًا وجامعاتٍ بمسمياتٍ دوليةٍ للإيحاء بالفَوقيةِ. هل يجوزُ في مجتمعنا أن تُقامَ جامعاتٌ تقيِّدً اللغةَ العربيةَ في محاضراتِها؟! هل يجوزُ ألا تخضعُ لرقابةِ الوزارةِ في نظمِها التعليميةِ والإداريةِ؟ ما العائدُ على المجتمعِ والدولةِ من خريجين يرون أنهم أعلى من الكلِ؟
أما جامعاتُ الحكومةِ فرُفِعَت فيها شعاراتٌ مُخادعةٌ مثل الجودةِ والإداراتِ الشابةِ. تحريضٌ سافرٌ للطلابِ على شكوى أعضاءِ هيئةِ التدريسِ وتصويرِهم والتنمرِ عليهم!! أي خيرٍ يؤملُ من خريجين مُدربين مُحرضين على عدمِ اِحترامِ المؤسساتِ التعليميةِ والأكبرِ؟! هل من حسنِ الإدارةِ والتدبُرِ للغدِ ألا تخضعُ الجودةُ تلك لحسابٍ جِدي؟ ماذا أنجزَت وماذا أنفقَت وعلى من؟! وهل كلُ الإداراتِ في مسؤوليةٍ هي أهلٌ لها؟
الرؤساءُ الأمريكيون تخطوا السبعين بسنين ولم تطالُهم بذاءاتٌ مرضيةٌ مثل هَرِم وخَرِف التي يُرمى بها أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ في جامعاتِنا وتَلقى تشجيعًا ظاهرًا ومستترًا من الجودةِ وإداراتٍ تفتعلُ الشبابَ أو تتمسحُ فيه. من الإداراتِ الجامعيةِ من يسعون حثيثًا لاِلتقاطِ صورِهم وسط الشباب، فتراهم مُنبسطين مُنشرحين!!
أطفالُ المرورِ نبتٌ طبيعي لما اقترفَته أسرٌ طبقيةٌ ولجامعاتٍ حكوميةٍ وخاصةٍ ركبَت موجةَ الطبقيةِ وأنشأت جيلًا لا يحترمُ المجتمعَ الذي يعيشُ فيه ومع الاسفِ بتشجيعٍ أو تراخي من أجهزةِ الدولةِ. طفلُ المرور أظهرَته مواقعُ التواصلِ لكن هناك الآلافُ منه في الجامعاتِ وسيخرجون حتمًا للمجتمعِ بكلِ خطايا من شجَعَهم عمدًا لأغراضٍ ليس منها صالحُ المجتمعِ والدولةِ...
نكتب ونكتب ونكتب ...
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس
Prof. Hossam M.A. Fahmy