الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

المعادلة الحقيقية.. لحل مشكلات التعليم فى مصر؟!

الجمعة 21/أغسطس/2020 - 07:36 م

ان العملية التعليمية تعتبر نظاماً متكاملاً تتداخل فيه العناصر المادية والمعنوية ؛فتوفيرالبيئة التعليمية المناسبة يُعد ‏متطلباً أساسياً لتحسين نوعية التعليم، والبيئة التعليمية لا تقتصر فقط على المناهج الدراسية بل تشمل بالإضافة لذلك المعلم ، والطالب ، والتجهيزات ‏والمستلزمات، والتعليم يقوم فى أى مكان من العالم على أربعة محاور وعناصر أساسية ، هى : ( المعلم - الطالب - المدرسة - المنهج )، وللاسف يعانى النظام التعليمى المصرى بكل عناصره وبكل مستوياته منذ أمد بعيد من العديد من المشاكل والتحديات ، والتى تمثل عائقاً حقيقياً أمام العملية التعليمية وتطورها، ومشاكل التعليم فى مصرهى مشاكل بالغة الخطورة ، نظراً لكونها متعددة الجوانب والوجوه ؛ فهى تلازم المحاورالأربعة السابقة للعملية التعليمية، وذلك كما يلى :


أولاً: بالنسبة للمعلم:
- العائد المادى الذى يحصل عليه المعلم قليل جداً ولا يكفى لكفالة حياة كريمة للمعلم .
- بعض المعلمين غير مؤهل تعليمياً و تربوياً بالشكل الصحيح .
ثانياً : بالنسبة للطالب :
- فقدان الطالب الثقة فى قيمة التعليم وخوفه على مستقبله .
- عجز الطالب عن إخراج ما لديه من مواهب و قدرات خلاقة .
ثالثاً : بالنسبة للمدرسة :
- ضعف الإمكانيات والوسائل العلمية المتوفرة فى المدرسة .
- التكدس الطلابى الكبير داخل الفصول .
رابعاً : بالنسبة للمناهج ومكوناتها من ( محتوى - طرق تدريس - انشطة تعليمية - وسائل تعليمية - ادوات تقويم )
- الإعتماد على الحفظ و التلقين فقط .
- الحشو فى المناهج دون التركيزعلى نقاط معينة .
- إعتماد المناهج على الجانب النظرى فقط ، وليس الجانب العملى .
- عدم ملائمة المناهج للتطورالعلمى المستمر فالمناهج قديمة ، وليس هناك أى تحديث للكتب التى ندرسها من حيث الكيف ، وإن كان هناك بعض التحديث الشكلى
- الفجوة الواضحة بين محتويات المناهج ومتطلبات سوق العمل .


ما ذكر سالفا اعلاه من مشكلات.. تخص المنظومة التعليمية بمصر معروف للجميع ، وقد تناولها خبراء التعليم فى مصر واستاذة كليات التربية بكثير من البجوث والدراسات ، والتى قد اقترحت حلول عديدة لتلك المشكلات ولقد كانت هناك محاولات من وزراء التربية والتعليم السابقين على مدار السنوات السابقة لجل تلك المشكلات .. ولكنها جميعا فشلت لسببين :


اولهما : ان خطة الاصلاح والتطوير جزئية ، اى كانت تهتم بعلاج وحل مشكلات بعض عناصر النظام التعليمى دون البعض الاخر ؛ فكانت هناك محاولات لتطوير المنهج وطرق التدريس واساليب التقويم مع بعض التدربيات للمعلم من خلال التعلم النشط والتقويم الشامل ، ومحاولات اخرى لادخال بعض الوسائل والتجهيزات التعليمية الحدثية كالكمبيوتر والسبورة الذكية والتابلت ، ومحاولات اخرى لتطوير المبنى المدرسى بانشاء هيئة الابنية التعليمية ، ومحاولة لاصلاح حالة المعلم ماديا وتاهيلة اكاديميا بانشاء كادر المعلم واكاديمية المعلم، فلم يكن هناك اى محاولة اصلاح جذرى لاى عنصر من عناصر النظام التعليمى، بل لم يكن هناك اصلاح كلى متكامل في آن واحد لجميع عناصرالنظام التعليمى بمصر
وللاسف فان اى محاولات كانت تبذل لتطويرالمنهج بمكوناته من طرق تدريس وادوات تقويم دون الاهتمام بناء المدارس وتجهيزتها من حجرات انشطة ووسائل تعليمية ؛ لتقليل كثافة التلاميذ بالفصول وتجهيزها بالوسائل التى تلائم طرق التدريس الحدثية ، فتلك كانت تعد محاولات لترميم وتحسين المنظومة التعليمية وليس محاولات اصلاح وتطويرالمنظومة التعليمية، وان اى محاولة لتطويرعنصرى المبنى والمنهج فقط من عناصر النظام التعليمى ، دون الاهتمام بتطويرعنصر المعلم ماديا ومهنيا ؛ فحتما كانت ستفشل محاولة التطوير والاصلاح..


ثانيهما : عدم توافر التمويل اللازم لخطة اصلاح وتطوير النظام التعليمى بمصر ؛ فغالبا ما ترتبط مشكلات التعليم فى مصر بعجز الامكانيات المالية وعدم وجود موارد مالية و قصور التمويل الحكومي للوفاء باحتياجات عملية الإصلاح التعليمي، بالإضافة لعدم وجود استراتيجية واضحة ومحددة تحسن توظيف الموارد حتى وإن كانت محدودة ، ويرجع ذلك إلي غياب التخطيط والمتابعة ومراقبة ومحاسبة المسئولين ، وسيطرة البيروقراطية عند اتخاذ وتنفيذ القرارات ، بالإضافة إلي غياب الخبرات المطلوبة لإدارة العملية التعليمية بشكل مسئول..


وعليه يبدأ إلاصلاح الحقيقى للتعليم بمصر من توفير التمويل الكافى لتحقيق الأهداف وتنفيذ الخطط الرامية إلى تحقيق الجودة المطلوبة ، شرط أن يتمتع هذا التمويل بالاستمرارية والتصاعدية حتى يفى بالاحتياجات المتزايدة للخدمات التعليمية فى ظل تزايد أعداد المستحقين للتعليم، وهنا تبرز الحاجة الى تصميم سياسات فعالة لإدارة أصلاح التمويل وإعادة التوازن بين النفقات والاحتياجات التعليمية ، وبين الموارد المتاحة فى سبيل تحقيق اعلى قدر من الرشادة الاقتصادية والفوائد الاجتماعية ، لذا أصبح من المهم التصدى لتوفيرمثل هذه السياسات التى تستهدف الارتقاء بكفاءة الإنفاق فى النظام التعليمى من ناحية ، ومن استجلاب موارد إضافية وجديدة وتوظيفها من اجل خدمة المجتمع التعليمى..


فالإدارة المالية الرشيدة يمكنها أن تعوض النقص فى الموارد ، بل تكون قادرة على تعظيم هذه الموارد ، هذا ما تؤكده الدروس المستفادة من تجارب دول جنوب شرق أسيا ، وتأسيسا على ذلك يمكن اقتراح مجموعة من الفاعليات منها، ايلاء أهمية خاصة للدراسات الاقتصادية والتخطيطية والفنية من خلال أنشاء وحدات اقتصادية تتولى مسئولية القيام بدراسات وبحوث ميدانية وتحليلية واستراتيجية وتقديمها لمتخذي القرار وصولا لقرارات سليمة اقتصاديا ، وتحقق الأهداف بشكل علمى,, ويمكن تحقيق ذلك عن طريق انشاء هيئة تضم العديد من خبراء الاقتصاد والتربية والتعليم والتخطيط تكون مهمتها اقتراح سياسات تمويلية وتوفير بدائل مقترحة للتمويل والانفاق على مشروع تطوير التعليم ، بجانب ما يمكن ان توفره ميزانية الحكومة من دعم مالى تسمح به موازنة الدولة ، ومن الممكن الاستفادة فى ذلك من تجارب الدول التى لها نفس الظروف المشابه ، وقد حققت نجاجات فى عملية توافير موادر اضافية لتوفير التمويل اللازم لتطوير النظام التعليمى لديها..


واخير اؤكد ان اى مشروع لتطويرالتعليم فى مصر لا يشمل تطوير جميع محاور النظام التعليمى بمصر ( المعلم - الطالب - المدرسة - المنهج ) فى ان واحد .. ولا تتوافر لدية خطة لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ ذلك المشروع مصيره الفشل، وان المعادلة الحقيقة لحل واصلاح مشكلات التعليم فى مصر تتلخص فى كلمتين وردت على لسان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى "بكم ومنين"، فمشكلات التعليم بمصر وطرق ووسائل حلها معروفه للجميع وقد تناولها الخبراء والباحثين بالعديد من الدراسات والبحوث ، ولكن لكى تنجح اى خطة لتطوير التعليم لابد من حل تلك المعادلة .. تكلفة التطوير الكلى المتكامل كم ؟


وما مصادر توفير التكلفة اللازمة لتمويل خطة التطوير؟ فجميع مشكلات التعليم المتعلقة بعناصر المنظومة التعليمية من كثافة الفصول وقله اعداد المدارس وقلة اعداد المعلمين والعمال وعدم توفر الاثاث المدرسى الملائم والتجهيزات والوسائل الحدثية والتكنولوجية بالمدارس ، والحاجة لتطوير المنهج ورفع اجور المعلمين وتدريب وتطوير المعلم مهنيا ، وتطويرالمناهج وطرق التدريس وادوات التقييم الى غير ذلك .. كلها اعراض لمرض واحد هو عجز الموارد المالية وعدم القدرة على توفير التمويل اللازم لحل تلك المشكلات.. وبدون ايجاد علاج لذلك المرض بتوفير الموارد اللازمة لحل مشكلات التعليم بمصر ، والانطلاق نحو مشروع لاصلاح وتطوير كلى شامل وجوهرى لمختلف عناصر النطام التعليمى بمصر فى مختلف الاتجاهات والمحاور فى ان واحد ... سنكون امام مشروع وخطة تطوير واصلاح جزئىة شكلىة عشوائىة محكوم عليها حتما بالفشل..