الحكومي أم الخاص؟
الثانويةُ العامةُ موسمُ القلقِ، التوترِ، الحساباتِ، الأملِ، الرجاءِ؛ الأملُ في مجموعٍ يؤهلُ للجامعةِ المَرجوةِ. المقارنةُ بين الجامعاتِ الحكوميةِ والخاصةِ عنوانٌ رئيسيٌ؛ أحيانًا تكونُ الجامعاتُ الخاصةُ هي الاختيارُ للإحساسِ بالتميزِ الاجتماعي، وأحيانًا تكونُ بحكمِ المجموعِ. سيتضحُ مدى تأثيرِ انخفاضِ الدخلِ بفعلِ محنةِ كورونا على الالتحاقِ بالجامعاتِ الخاصةِ.
الجامعاتُ الخاصةُ في تنافسٍ شأنُها شانُ
أي مشروعٍ خاصٍ، فهي تستقطبُ من جامعاتِ الحكومةِ أفضلَ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ اللذين
يشغلون بكفاءةٍ ما يُسندُ إليهم من مناصبٍ إداريةٍ ومن أعباءٍ تدريسيهٍ. كما أنها تُوفرُ
بيئةً تعليميةً مناسبةً من مكتباتٍ وقاعاتِ درسٍ ومعاملٍ وطبعًا كافتريات. المأخذُ
الأكبر ُعلى التعليمِ الخاصِ هو الرضوخُ للطالبِ على حسابِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ،
لابدَ أن يكونَ مزاجُه عال العال، الزبونُ دائمًا على حقِ. النجاحُ في أحيانٍ كثيرةٍ
يكونُ يسيرًا لأن نسبةَ أعمالِ السنةِ تكونُ في حدودِ ٥٠٪ أو ٦٠٪
ما يُبقي للاِمتحانِ النهائي ٥٠٪ أو ٤٠٪، بسيطة.
الجامعاتُ الحكوميةُ لما اِحتاجَت الفلوسَ
أنشأت أيضا التعليمَ الخاصَ، بنظامِ نجاحٍ أسهلِ من نظيرِه المجاني. وبدلاً من أن يُحاكي
التعليمُ الخاصُ بها نظيرَه الحكومي لجأت بعضُ الإداراتِ إلى تحويلِ نظامِ التعليمِ
الحكومي لنظيرِه الخاصِ!! مع الاسفِ لم تستطيعْ جامعاتُ الحكومةُ تقديرَ أعضاءِ هيئةِ
التدريسِ وحافَظت على تواضعِ رواتبِهم. بينما تزدادُ معاناةُ الأساتذةِ المُتفرغين
بها لثباتِ ما يتقاضونه شهريًا وكان الأسعارَ لا تزيدُ يوميًا، ولرغبةِ بعض الجامعاتِ
في التعنتِ في إعاراتِهم. هناك من يتصورون في الجامعاتِ الحكوميةِ، على كافةِ مستوياتِها،
أن الاستاذَ المتفرغَ يتقاضى حسنةً لا أكثرَ، رغم ما يتحملُه كثيرون منهم من أعباءٍ
تدريسيةٍ. في إداراتِ الجامعاتِ الحكوميةِ من يعتبرون الكراسي الأعلى تطورًا طبيعيًا
للوظيفةِ الجامعيةِ، وهو ما يُغلِبُ المنظرةَ المُبالِغةَ على أدائهم.
المشكلةُ الأكبرُ في التعليمِ الحكومي
والتعليمِ الخاصِ هو إتجاهُ البعضِ "لتقليدِ بره" بحجةِ التطويرِ، متغافلين
أن التعليمَ نظامٌ اجتماعيٌ لا يمكنُ فيه فَصلُ التعليمِ الجامعي عن التعليمِ الثانوي
وما قبلِه. مع الأسفِ تطغى في أحيانٍ كثيرةٍ الطموحاتُ الشخصيةُ وتَرفعُ شعاراتٍ لا
تتلاءمُ مع نُظُمِنا الاجتماعيةِ والتعليميةِ؛ تطويرُ التعليمِ لا يكونُ "زي
بره" ولا بالتربيطاتِ. اللهم اِحمْ التعليمَ الهندسي من المتشعبطين في
"زي بره".
الجامعاتُ الخاصةُ بحكمِ إمكاناتِها ورغبتِها
في إرضاءِ الطلابِ تُقدمُ مناخًا أكثرَ فرفشةٍ وملائمةٍ للراغبين في التعليمِ السياحي،
إذا كانوا يَقدرون عليه.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ
للراحةِ وللجوائز،،
* كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس