انتبه.. "الانتكاسة " خطر "كورونا" القادم
منذ ظهور "فيروس كورونا " فى العالم أصبحت كلمة كورونا تتردد على كل لسان وفى مناسبات عديدة.. فقد أصبح هذا الفيروس اللعين القاسم المشترك فى الأحداث المهمة التى نعيشها كل يوم.
ولم يأتِ يوم إلا ويحمل معه الكثير والكثير
من الأخبار الجديدة المرتبطة بكورونا، ولعل ما استوقفنى مؤخرًا فى هذا الصدد هو تلك
الأخبار التى تناقلتها وسائل الإعلام حول ما يسمى "الانتكاسة " التى يتعرض
لها المصاب بكورونا، فبعد أن يتماثل المريض للشفاء تعود إليه الإصابة مجددًا، وهنا
تكمُن خطورة الموقف، حيث لم يكن أحد يعلم هذا الأمر، وكان الاعتقاد السائد أن الإصابة
بكورونا تحدث مرة واحدة بعدها يصبح جسم المصاب بعيدًا عن مرمى سهام فيروس كورونا اللعين.
وهذا الموضوع يجعلنا نتوقف طويلًا، وأن
يتولى العلماء والمختصون البحث عن السر وراء انتكاسة بعض مرضى كورونا بعد التعافى،
وإيجاد إجابة مؤكدة عن التساؤل الكبير: لماذا تعود الأعراض بشكل أسوأ؟ خاصة أن منظمة
الصحة العالمية سبق أن أشارت من قبل إلى أن هناك حالات تستغرق وقتًا أطول للشفاء.
وحينما أتناول هذا الموضوع شديد الأهمية،
فإننى أحب أولًا إلقاء الضوء على التفسيرات الأربعة التى حددها العلماء فى هذا الصدد،
والتى لا توجد «أدلة قوية» عليها حتى الآن، خاصة أن مسألة الانتكاسة بعد التعافى من
كورونا لا تزال أحد الألغاز المحيرة للعلماء، فلا أحد يعرف لماذا تستمر أعراض بعض المرضى
وتعود بشكل أكثر حدة بعد أن يعتقد المريض أنه قد تعافى.. فما سر هذه الانتكاسة؟.
علينا فى البداية ونحن نتطرق إلى هذا الموضوع
المهم أن نلفت الانتباه إلى أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت فى مايو الماضى
أن حالات الشفاء من «كوفيد- ١٩» قد تستغرق وقتًا أطول من المتوقع، وأن بعض المرضى كانوا
يعانون مما يبدو أنه «انتكاسة» للأعراض.
والحق يقال، فإن ظهور مثل تلك التصريحات
أثار الجدل فى الأوساط العلمية خاصة أن موقع «Vox» ذكر أنه من المبكر
جدًا معرفة سبب انتكاسة الأعراض لفيروس كورونا، وفقًا للعديد من الأطباء، كما أن الأطباء
والعلماء غير متأكدين وحائرون مما إذا كانت الانتكاسات المحتملة تعنى أن المرضى لا
يزالون مُعديين، وما إذا كانت الأعراض المتكررة ناتجة عن إصابة ثانية بالفيروس، أو
إعادة التنشيط الفيروسى، أو حالات ما بعد الفيروس المزمنة، أو أن الفيروس يأخذ مجراه
الطبيعى.. فأثناء البحث عن انتكاسة الأعراض، تم الكشف عن أن جميع المرضى عينة البحث
تقريبًا أصيبوا بالمرض فى مارس، وكان اختبارهم إيجابيًا لـ«كوفيد- ١٩» فى الشهر التالى،
ولا يزالون يعانون من الأعراض فى يونيو، وسعى معظمهم للحصول على رعاية طبية خلال انتكاسة
الأعراض، إلى جانب مشاكل جلدية ومشاكل الجهاز الهضمى الجديدة يبدو أنها انتكاسة للأعراض،
ومن مشاكل الانتكاسة أيضًا عدم معرفة المرضى ما إذا كانوا مُعديين أم لا، فإن المرضى
المنتكسين يبقون فى المنزل، ولا يعملون ويخشون من أن النشاط الزائد قد يؤدى إلى انتكاس
أعراضهم.
وقد حدد العلماء والمختصون ٤ تفسيرات محتملة
لحدوث الانتكاسة لمرضى كورونا بعد التعافى، وكلها مجرد تكهنات غير مؤكدة، حيث لا يزال
العلم والطب يكافحان من أجل اكتشاف المزيد عن فيروس كورونا، ولم تظهر حتى الآن أدلة
قوية على أن أيًا من هذه التفسيرات هو الجانى الحقيقى.
التفسير الأول أنه قد تكون الانتكاسة ناتجة
عن إعادة نشاط الفيروس، حيث تعنى كلمة «الانتكاس» عودة ظهور شىء خامد أو غير موجود
سابقًا، وافترض العديد من المرضى أنهم يعانون من نوع من إعادة التنشيط الفيروسى.
ووفقًا لـ«بيرنارد ب. تشانج»، طبيب الطوارئ
وعلم النفس فى جامعة كولومبيا فى مدينة نيويورك، فإن إعادة التنشيط الفيروسى هو مفهوم
أن الفيروس الكامن أو غير النشط الموجود بالفعل فى نظامك يستيقظ أو ينتقل إلى مرحلة
نشطة، ويبدأ فى إحداث أعراض لدى المرضى.. والتنشيط الفيروسى معروف أيضًا فى أمراض أخرى،
مثل الهربس، الذى يكون خاملًا ثم يعود للمريض مرة أخرى، لكن هذا ليس جانبًا مثبتًا
أو لم يتم التحقق منه بعد فى فيروس كورونا الجديد.. ويعتقد بعض الأطباء أنه من غير
المحتمل أن يتمكن كورونا من إعادة التنشيط، لأن الفيروس يصيب وينتشر بشكل مختلف عن
الفيروسات التى تكون خاملة ثم تنشط.
والتفسير الثانى المتعلق بالانتكاسة بالإصابة
مجددًا بفيروس كورونا أنها قد تكون ناتجة عن إصابة بالعدوى مرة أخرى، وهو ما يظهر معه
التساؤل الذى طرحه العلماء من قبل: هل يمكن لشخص ما أن يصاب بالفيروس، ويشفى منه تمامًا،
ثم يصاب به مرة أخرى؟.. الجواب سيعتمد على ما إذا كان يمكن للأشخاص تطوير مناعة ضد
الفيروس وإذا كان الأمر كذلك، فإلى متى تظل المناعة؟.. علينا هنا أن نضع فى الاعتبار
أن العلماء والباحثين يحاولون على وجه السرعة الإجابة عن هذا السؤال، حيث تعلق الحكومات
فى جميع أنحاء العالم الأمل على موجة من المتعافين من المناعة التى تمكنهم من السفر
بحرية وإنعاش الاقتصاد.
وتبشر الدراسات الحديثة حول المناعة بالخير،
ولكن منظمة الصحة العالمية تحذر من عدم وجود ضمان، وجدت إحدى هذه التجارب أن قرود المكاك
التى أصيبت مرة واحدة لم تكن قادرة على إعادة العدوى، ولكن هذه مجرد دراسة واحدة، ولا
يزال هناك الكثير من الأبحاث التى يتعين القيام بها من أجل تحديد ما إذا كان البشر
يمكن أن يصبحوا محصنين، سيحتاج العلماء إلى مزيد من الدراسة للخلايا «B» والخلايا التائية
«التى تساعد على إنشاء الأجسام المضادة»، وتحسين دقة اختبارات الأجسام المضادة، وتحديد
مستوى الأجسام المضادة التى تؤكد مستوى معينًا من المناعة.
أما التفسير الثالث للانتكاسة والإصابة
مجددًا بفيروس كورونا أن عودة الأعراض قد تكون هى المسار الطبيعى لـ «كوفيد- ١٩»، فالأعراض
الفيروسية الخفيفة غالبًا «تعود أو تزداد سوءًا بعد التعافى فى البداية»، ونزلات البرد
هنا تُعد مثالًا واضحًا على ذلك، فقد يعانى البعض ببساطة من أعراض فيروس كورونا التى
تأتى وتذهب، ولكنها تتحسن ببطء بمرور الوقت، مثل بندول ينفد من الطاقة.
بينما التفسير الرابع لمسألة الانتكاسة
أنه قد تكون الانتكاسات متلازمات ما بعد الفيروس المزمنة، فقد كان العديد من المرضى
قلقين من أن حالتهم قد تكون مزمنة بسبب طول فترة ظهور أعراضهم، ومدى تكرار الانتكاسات،
وعلى الرغم من مخاوف بعض المرضى من أن أعراضهم لن تنتهى أبدًا، فإن بعض الأطباء متفائلون
ويحثون الأشخاص الذين يواجهون عمليات انتكاس على «عدم الإحباط» على الرغم من أنه يجب
عليهم التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية إذا كانوا يعانون من حمى عالية أو تورم المفاصل
أو إرهاق مستمر.
ومتلازمات ما بعد الفيروس قد تكون تفسيرًا
محتملًا لانتكاس الأعراض لكن هذه المتلازمة ليست شائعة.. ويتم العثور على متلازمة التعب
بعد الفيروس فى بعض الأحيان فى المرضى الذين يعانون من كريات الدم البيضاء، من بين
أنواع العدوى الأخرى.. كما يشعر بعض الباحثين بالقلق من أن «كوفيد- ١٩» قد يؤدى إلى
«التهاب الدماغ العضلى متلازمة التعب المزمن»، بعد ملاحظة أن بعض المرضى الذين يعانون
من الإصابة بالفيروس سابقًا يعانون من تفاقم هذه الأعراض بعد الإصابة بـ«كوفيد-
١٩».
وما زال الحديث مفتوحًا فى البحث عن أسباب
الانتكاسة والإصابة مجددًا بفيروس كورونا، فهناك احتمال آخر يقترحه بعض الأطباء وهو
أن المرضى الذين يعانون من أعراض انتكاسية قد يعانون من متلازمة التهابية مشابهة لمرض
كاواساكى، والذى تم ربطه مؤخرًا بحالات «كوفيد- ١٩» لدى الأطفال والشباب وهو الذى يسبب
التهابًا فى الأوعية الدموية يمكن أن يؤدى إلى مضاعفات قلبية حادة، ومع ذلك لا نعرف
حتى الآن ما إذا كانت هذه المتلازمة يمكن أن تتطور لدى الأشخاص من جميع الأعمار أم
لا.
خلاصة القول: نحن الآن أمام حالة محيرة للغاية تتعلق بفيروس كورونا الذى يبدو أنه سيظل مثيرًا للجدل إلى أن يكتشف العلماء مصلًا قادرًا على مواجهته والتصدى له بحسم وحزم وقوة.