الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

لم يتبق لنا في التعامل مع أزمة سد النهضة إلا ثلاث خيارات

الخميس 18/يونيو/2020 - 10:37 م

لم يتبق لنا في التعامل مع أزمة سد النهضة إلا ثلاث خيارات:


1- تدمير السد بقرار أشبه بحرب أكتوبر وربما كان أهم من انتصار أكتوبر خاصة وأن  ميزان القوة العسكرية والقوة الشاملة  في صالحنا، وينطلق هذا الخيار من مشروعية وشرعية الدفاع عن النفس والعرض والمال والحياة " كتب عليكم القتال وهو كره لكم" خاصة بعدما تأكد ان سدود إثيوبيا العديدة ليست لتنميتها ولا لتوليد الكهرباء وبيعها ولكنها مطلب صليبي قديم منذ فشل أوربا في الحروب الصليبية، وهي أيضا مطلب صهيوني معاصر وممتد ومتكامل مع المطلب الصليبي باعتبار أن مصر هي التي أفشلت مطامع الحملات الصليبية وحطمتها في موقعتي حطين والمنصورة أواخر القرن الثاني عشر ومنتصف القرن الثالث عشر.



ثم أفشلت مصر أيضا حملات التتار على العرب وافريقيا كلها 1260،  وحاربت اليونان بالوكالة عن الدولة العثمانية بل وهدددت عرش الدولة العثمانية نفسها في اكثر من معركة خلال القرن التاسع عشر.


ومن ثم فإنه يجب تركيع مصر من خلال منع مياه النيل عنها بوصفه شريان الحياة بها وصانع حضارتها ما دامت مصر كانت وتظل عقبة في وجه التعصب الصليبي والمطامع الصهيونية وهو ما أكد عليه حسنين هيكل عبر الوثائق التي أطلع عليها.


وهذا السيناريو يعيبه مواجهة مصر للتحديات والمخاطر التي تهدد الأمن القومي على الحدود الليبية وفي سيناء فضلا عن الكلفة الاقتصادية للحرب في هذه الآونة بالذات، أما عن مخاطر تدمير السد على مصر فليست مؤكدة وهناك كتابات متخصصة ترى أن المخاطر تقتصر على إثيوبيا والسودان فقط.



2- الخيار الثاني هو تمديد أمد المفاوضات لحين إحداث تغيير في  المخاطر والتهديدات القائمة حاليا خاصة وأن الأزمة على الأرض تتضح فعليا مع فيضان النيل القادم، ويفترض أن هذا الخيار لا يستبعد  سيناريو الدفاع عن النفس بتدمير السد.


ومن عيوب هذا السيناريو احتمالية استمراء إثيوبيا في ملء السد بكميات مؤثرة على الحياة في مصر وفرض سياسة الأمر الواقع وربما عجلت إثيوبيا بانقاص حصة المياه إلى درجة لم نتوقعها وخلق أزمة وكارثة زراعية واجتماعية واقتصادية بتحويل المياه إلى بنوك لبيعها إلى مصر، وقد صدر بهذا الخصوص دراسة للكاتب الصحفي مصطفى خلاف يؤكد فيها ذلك، والكتاب نشرته معظم الصحف والمواقع الإلكترونية الأيام القليلة الماضية.

 

3- الخيار الثالث هو الإسراع في دراسة إمكانية توصيل المياه إلى إسرائيل كمطلب قديم منذ عهد الرئيس السادات ومبارك وفقا لمعاهدة دولية تضمن حق مصر في مياه النيل مدى الحياة...، ويقوم هذا السيناريو على افتراض صحة العلاقة بين ضغوط إثيوبيا على مصر لقبولها بنقل المياه إلى إسرائيل، وربما كان هذا الأمر متاحا في سنوات سابقة ولا أحد يمكنه تقدير الموقف حاليا نتيجة للهجة والغطرسة الإثيوبية التي ترمي إلى تركيع مصر تنفيذا لأجندة دولية تقودها الصهيونية العالمية.


ومن عيوب هذا السيناريو عدم جاهزية الرأي العام لتقبله وفقدان الثقة في مصداقية إسرائيل وإثيوبيا على المدى البعيد.


ويفترض أن تخضع هذه السيناريوهات الثلاث التي لا رابع لها حاليا لدراسة صناع القرار في مصر بمشاركة خبراء وأساتذة قانون دولي وأساتذة علوم سياسية، والأهم من ذلك كله تماسك الجبهة الداخلية وراء اي قرار تتخذه الدولة المصرية.

الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام السياسي والرأي العام بجامعة سوهاج.