آذان الظهر في ألمانيا
سرعان ما انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ،عن رفع الآذان بشكل علني في إحدى مناطق العاصمة الألمانية برلين.
السيدة التى كانت تسجل الفيديو ،بدا على صوتها الإعجاب والفرحة الشديدين بسبب ما يحدث، وقالت إنه لأول مرة في ألمانيا يُرفع الآذان، بطلب من الألمان أنفسهم، الأمر الذي يعطى المستمع إيحاءً أن الشعب الألماني لجأ إلى المساجد لمواجهة انتشار فيروس كورونا برفع الآذان.
كبرت السيدة وهللت ،وظهر في الفيديو تجمع العشرات أمام المسجد الذي يسمى مسجد دار السلام في منطقة نويكولن بالعاصمة برلين ، وأخذوا في التكبير بشكل يوحي بفتح جديد وانتصار ما، وواقعة عظيمة تحدث في بقعة من الأرض لم يكن الإسلام وصلها إليها من قبل.
البعض كاد يغني" صلينا الظهر فين ،صلينا في برلين، وأذن لنا الإمام ، بالآذان المقام ، وتصورنا و النبي ،حرما ياسيدي".
الذين تداولوا الفيديو لا يعلمون أن الموضوع بكل بساطة، بدأ كدعوة لمبادرة مشتركة بين إدارة المسجد وكنيسة الجليل الإنجيلية في المنطقة التي يسكنها عدد كبير من المهاجرين.
دعوة تضامن إنساني بين الطرفين في وقت واحد ،تقوم فيه الكنيسة بدق أجراسها،ويقوم مسجد دار السلام برفع آذان الظهر بداية من يوم الجمعة الماضية،و كل يوم، لطمأنة الناس ،ورفع الروح المعنوية بفكرة اللجوء المشترك إلى الله،كل دين بطريقته،وأصل عقيدته.
الذين تداولوا الفيديو لا يعلمون أن الإحصائيات تشير إلى وجود حوالي 2800 مسجد في ألمانيا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، يُرفع فيها الآذان ثم الإقامة للصلاة كل يوم 10 مرات بمكبرات صوت داخلية.
وكأنهم لا يعلمون أن هذه المساجد مكتوب عليها أنها مساجد ،وبعضها تظهر قبته عياناً بيانا،و يراها الألمان ذهاباً وأياباً.. يتم فيها تحفظ القرآن، وتقام فيها موائد الرحمن.
فالإسلام ليس ديناً جديداً في ألمانيا سيظهر برفع الآذان في ظروف طارئة يمر بها العالم كله، أدت إلى إغلاق المسجد الحرام.
فقد وصل عدد المسلمين في ألمانيا إلى حوالي 10 ملايين شخص حسب الإحصائيات،التي تشير إلى أن العدد في تزايد بعدما كان4.7 ملايين شخص عام 2014، على خلاف اليهود مثلا، الذين يتناقص عددهم من 107 آلاف إلى 96 ألفاً خلال نفس الفترة، طبقاً لإحصائيات موقع" شتاتيستا".
هذه الأرقام قد تسبب للبعض زهواً ، عندما يكتشف أن المسلمين في ألمانيا أكثر عدداً من سكان دول إسلامية و عربية، وقد يزداد زهواً عندما يعلم أن عدد المسلمين في تزايد ،بخلاف اليهود، لكن هذه الأرقام لا تعني شيئاً في دولة قانون مثل ألمانيا على الإطلاق، ولا تسبب زهواً للمسلمين المقيمين فيها،لكن ما يسبب الزهو الحقيقي هو ما يتمتع به الفرد من حرية العقيدة و الرأي، واحترام الآخر، حتى مع ظهور بعض تصرفات المنتمين لحزب اليمين المتطرف، الذين يريدون إفساد الأمر.
في النهاية ، لم تجد ألمانيا كدولة قانون مفراً من إصدار قرار بمنع تكرار الآذان ،بعدما كانت قد منحت إدارة المسجد التصريح برفعه خارج المسجد،ضمن مبادرة التضامن الديني المسيحي_ المسلم.
فقد انقلب الأمر إلى"مولد وصاحبه غائب" بعدما ذهب 300 مسلم يتزاحمون،ويلتقطون الصور ويسجلون الفيديوهات،وهم يكبرون ويهللون،ويحتكون بالشرطة بعد انتهاء الصلاة،بسبب محاولتها إنهاء التجمع بشكل سريع،تخوفاً من انتشار عدوى فيروس كورونا،التي يحاربها العالم كله .
منعت الدولة المسجد الذي يراقبه المكتب الاتحادي لحماية الدستور، من تكرار الدعوة للصلاة بشكل علني.
وقالت إن الأساس القانوني والدستوري ،هو أساس لحماية المواطنين وسلامتهم .
وكما لا يُسمح بالتجمعات والحفلات أو الإعلان عنها ،فالأمر ينطبق أيضاً على النداء إلى الصلاة، وإنه الإجراء المناسب لحماية حياة الناس وسلامتهم ، على الرغم من أنه يحد من الحق الأساسي في ممارسة الدين.