عمومية الفتوى والتشريع تحسم الجدل بشأن صرف البدل النقدى للموظفين لرصيد الإجازات الاعتيادية
الأحد 01/مارس/2020 - 10:13 م
اصدرت وزارة المالية الكتاب الدورى رقم 37 لسنة 2020 والمتضمن موافقة وزير المالية على رأى المستشار القانونى للوزير فيما انتهت الية من تنفيذ فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع رقم 1444 بتاريخ 12/11/2019 وفتواها رقم 1439 بتاريخ 7/11/2019 والتى انتهى الى عدم مشروعية البندين رقمى: (3)، و(5) من المادة الثالثة من قرار وزير المالية رقم (199) لسنة 2017 بشأن ضوابط صرف المقابل النقدى لرصيد الإجازات الاعتيادية الذى تكوّن قبل العمل بقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016،
حيث استعرضت الجمعية العمومية سابق إفتائها بجلسة 15/4/2015 (ملف رقم 86/6/686)، والذى خلصت فيه إلى أن نص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم (47) لسنة 1978- مقروءة فى ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم (2) لسنة 21 القضائية دستورية- لا يوجب على العامل أن يتقدم إلى الجهة الإدارية فى كل عام لاستهلاك جزء من متجمد رصيد إجازاته، ولا يسقط حقه فى هذا الرصيد، ولا يصادر حقه فى الاحتفاظ به دون حد أقصى متى كان عدم الحصول على الإجازات التى تكوّن منها هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل، تلك المصلحة التى استقر الأمر على تحققها بوجود العامل فى خدمة الجهة الإدارية، وعدم حصوله على الإجازة دون اشتراط أى شروط أخرى.
كما لا يصادر هذا النص حق السلطة المختصة فى الاستجابة لطلب الإجازة فيما يجاوز الستة الأيام الوجوبية، ولم يشترط المشرع الشكليةَ فى إثبات أن حرمان العامل من إجازاته راجع إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل، وهو ما ذهبت إليه الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بفتواها فى الملف رقم (86/6/676) بجلسة 2/1/2013، والتى انتهت إلى أن الأصل هو حصول العامل على حقه فى المقابل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية دون الحاجة إلى اللجوء إلى لجان فض المنازعات أو المحكمة المختصة، التزامًا بالحجية المطلقة لحكم المحكمة الدستورية العليا، ما لم تكن هناك منازعة جدية بشأن هذا المقابل استحقاقًا، أو مقدارًا، وانتهت إلى عدم مشروعية القيود التى اشترطتها وزارة المالية لاستحقاق العامل رصيد إجازاته الاعتيادية طبقًا لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة- المعمول به آنذاك، وكان من هذه القيود ألّا يجاوز رصيد الإجازات الحد الأقصى وهو (789) يومًا.
وترتيبًا على ماتقدم، وإذ كان قرار وزارة المالية رقم (199) لسنة 2017 المشار إليه، قد اشترط فى البند الثالث من المادة الثالثة منه لحصول الموظفين عند انتهاء خدمتهم على المقابل النقدى لرصيد إجازاتهم الاعتيادية الذى تكوّن قانونًا قبل العمل بأحكام القانون رقم (81) لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، ألّا يجاوز رصيد الإجازات الاعتيادية المشار إليه الحد الأقصى للرصيد، وهو (789) يومًا (بحسبان أن الموظف التحق بالخدمة عند سن 24 سنة، ولم يحصل خلال مدة خدمته على إجازة)، مع مراعاة الفئات العاملة بالمناطق النائية، أو التي لها قواعد خاصة، أو التي تم تعيينها قبل سن 24 سنة. دون أن يكون لذلك الشرط أى سند قانونى، وهو ما لا يسوغ قبوله، فالجمعية العمومية فيما تنتهى إليه من رأى إنما تكشف عن صحيح حكم القانون فى الأمر المعروض عليها، وتبين حقيقة حكم التشريع فى هذه المسألة.
أما ما ورد في البند الخامس من المادة الثالثة من أنه يصرف للموظف المنتهية خدمته، أو لورثته، بحسب الأحوال، قيمة (50%) من المقابل النقدي المشار إليه، ويصرف الجزء الباقي بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ صرف الدفعة الأولى، وذلك للمستحقين البالغة قيمة هذا المقابل النقدي لهم عشرة آلاف جنيه فأكثر، وما دون ذلك يصرف كامل المقابل النقدي المشار إليه دفعة واحدة، فإن ما ورد بهذا البند مايز بين الموظفين الخاضعين لنص المادة (71) من قانون الخدمة المدنية المشار إليها الذين يصل المقابل النقدى لرصيد إجازاتهم الاعتيادية المشار إليها مبلغ عشرة آلاف جنيه فأكثر، وبين غيرهم ممن يحصلون على مقابل أقل من ذلك، فلم يسمح للأوّلين بصرفها دفعة واحدة وسمح للآخِرين بذلك دون مسوغ قانونى؛ بما يمثل زرعًا لتفرقة تحكّمية ليس لها سند من القانون.
ولا يحاجّ فيما تقدم القول بأن المادة (186) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (81) لسنة 2016 المشار إليها، فوضت وزير المالية في وضع نظام لصرف المقابل النقدى لرصيد الإجازات الاعتيادية المشار إليه، فهذا مردود بأنه ليس لقرار لائحى أن يستحدث شروطًا لم يأتِ بها نص القانون، كما أن هذا القرار قد صدر فحسب لتنظيم هذا الحق ودون وضع قيود من شأنها حرمان الموظف منه أو تأجيله دون سند من القانون. وعليه، فإن ما وضعته وزارة المالية من ضوابط فى البندين رقمى: (3)، و(5) من المادة الثالثة فى القرار رقم (199) لسنة 2017 المشار إليه- لاستحقاق العاملين لرصيد إجازاتهم الاعتيادية الذى تكوّن قبل العمل بأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه، ومنهم الموظفون الصادرة بشأنهم فتوى إدارة الفتوى لوزارات الثقافة والإعلام والسياحة والقوى العاملة رقم (803) المؤرخة 28/10/2017، إنما يمثل التفافًا على ما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى هذا الشأن، واستحداثًا لشروط لم يتطلبها المشرع في المادة (71) من قانون الخدمة المدنية، والمادة (186) من لائحته التنفيذية المشار إليهما سلفًا، وهو الأمر الذى يتعين معه الالتفات عنهما، وعدم الاعتداد بهما؛ لمخالفتهما القانون.