موجة شديدة الحرارة والرطوبة مع قرب انتصاف فصل الصيف فلكيا
السبت 02/أغسطس/2014 - 05:08 م
تشهد مصر حاليا موجة شديدة الحرارة والرطوبة تتواكب مع قرب انتصاف طول فصل الصيف فلكيا, والذي بدأ يوم 21 يونيو الماضي وينتهى فى 23 سبتمبر القادم, حيث يصل اليوم السبت إلي يومه الـ "43", وفى الصيف تكون أشعة الشمس أقرب إلى العمودي على سطح الأرض وتكون درجة الحرارة مرتفعة والنهار أطول من الليل, مما يعنى وجود فرصة أكبر لاكتساب الطاقة الحرارية من الشمس طوال ساعات النهار, والوقت غير كاف ليلا لفقدان الطاقة للفضاء الخارجي بفعل إشعاع الأرض.وحرارة الصيف لا ترجع فقط إلي ميل محور دوران الأرض حول نفسها بزاوية مقدارها 23 درجةونصف الدرجة, الذي يكون متجها نحو الشمس فى الصيف وبعيدا عنها فى الشتاء, وإنماترجع أيضا إلى ثلاثة أسباب حددها العلماء وهى البشر والتقدم الصناعي, دورة الطبيعة,والنشاط الزائد للشمس.وأدى التقدم الصناعي والاعتماد على أنواع الوقود المختلفة مثل البترول, الفحم والغازالطبيعي, كمصدر أساسي للطاقة, ومع احتراق كل هذا الوقود لإنتاج الطاقة واستخداممركبات الكربون والكلور والفلور في الصناعة بكثرة, إلي ارتفاع حرارة الأرض وتزايدانبعاث غازات الدفيئة بكميات كبيرة تفوق حاجة الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارةالأرض في مستوياتها الطبيعية, مما أدى إلي زيادة الغازات المسببة للاحترار.ويعزو بعض العلماء أسباب الارتفاع الموجود حاليا فى درجات الحرارة إلي دورة الطبيعةاستنادا إلي فكرة وجود ارتفاع في درجة حرارة الأرض في بداية عام 1900 والذي استمرحتى منتصف الأربعينيات, ثم بدأت درجة حرارة سطح الأرض في الانخفاض بين منتصف الأربعينياتومنتصف السبعينيات حتى بدأ البعض يروج لفكرة قرب حدوث عصر جليدي, ثم بدأتدرجة الحرارة في الأرض بالارتفاع مجددا في الثمانينيات وحتى الآن والذي يرى معارضوهذا أن سببه ليس دورة طبيعية وإنما هو زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.وتتضامن الرياح الشمسية مع تلك الأسباب فتزيد درجة حرارة الأرض نتيجة لزيادة النشاطالشمسي, حيث تؤدي الرياح الشمسية بمساعدة المجال المغناطيسي للشمس إلى الحد منكمية الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي للأرض, والتي تحتوي على جزيئات عاليةالطاقة تقوم بالاصطدام بجزيئات الهواء, لتنتج جزيئات جديدة تعد النواة لأنواع معينةمن السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض, وبالتالي فإن وجود هذا النشاط الشمسييعني نقص كمية الأشعة الكونية, أي نقص السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرضوبالتالي ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض.وعلى مدار السنوات الماضية, وقفت درجة حرارة كوكب الأرض حائرة بين الملوثات البيئيةوالصناعية وعبث الإنسان بالطبيعة وارتفاع انبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون فى الهواءبنسبة تعدت حاجز 400 جزء من المليون فى مايو 2013 وهو قياس تاريخي, لم يحدث منذظهور الإنسان على وجه الأرض أي منذ أكثر من 5ر2 مليون سنة, طبقا لما توصل إليهعلماء الأرصاد الجوية فى محطة مونا/ لوا فى جزيرة هاواي.إذا كان هناك اختلاف بين العلماء على أسباب ارتفاع حرارة الأرض فإنهم يتفقون جميعاعلى أن حرارة الأرض في ارتفاع مستمر, وهذا ما أثبتته قياسات درجات الحرارة خلالالسنوات الثلاثين الماضية, وارتفاع حرارة الأرض أمر خطير للغاية لأنه يؤدي لنتائجكارثية, فاستمرار تلك الزيادة في درجة حرارة الأرض يؤدي إلى ذوبان جبال الجليد فيالقطبين وبالتالي ارتفاع مستوى البحر ما ينتج عنه إغراق المناطق الساحلية, وكلذلك يحدث تغيرات كبيرة في مناخ الأرض تتفاوت بين الأعاصير, موجات الجفاف, الفيضاناتوالحرائق.وحسم العلم الأمر بإلقاء المسئولية الكبرى فى ارتفاع درجة الحرارة على البشر باعتبارهمسبب الاحترار العالمي, والتغيرات الكبرى التى يشهدها مناخ كوكب الأرض وبدأتتلوح بالفعل فى الأفق, حيث واصل متوسط درجة الحرارة ارتفاعه فى جميع دول العالم.ولهذا فإن ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف فى مصر هو عنصر من منظومة عالمية تعانىمنها جميع الدول, فالعالم بأكمله يمضى سريعا نحو ارتفاع الحرارة حوالى أربعدرجات مئوية بنهاية هذا القرن, وهو ما كشف عنه تقرير للبنك الدولي محذرا من إخفاقاتالتصدي لتغير المناخ, التى تنذر بتغيرات كارثية تؤثر على ملايين البشر وتشمل الارتفاعالشديد فى درجات الحرارة, وتقلص مخزون الغذاء العالمي, وارتفاع مستوى مياهالبحار.وتوقع التقرير أن كثيرا من مناطق العالم ستشهد خلال شهور الصيف كلها تقريبا موجاتمن الحر الشديد لا تحدث عادة سوى مرة واحدة خلال مئات السنين إذ لم يكن هناك احترارعالمي, ولن يكون توزيع آثار هذه الموجات متساويا, وستحدث أكبر الارتفاعات فى درجاتالحرارة فوق اليابسة وتتراوح بين 4 و10 درجات مئوية, كما توقع أن ترتفع درجاتالحرارة من 6 درجات مئوية فأكثر فى مناطق البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسطوأجزاء من الولايات المتحدة.ولن تنجو من هذه المعاناة أية منطقة فى العالم, وإن كان البعض سيعانى أكثر من الآخر,بيد أن الفقراء سيكونون الأكثر معاناة, حيث يمضى العالم حاليا نحو ارتفاع درجةالحرارة حوالى 4 درجات مئوية, خاصة فى ضوء عجز الدول عن الوفاء بوعودها المتعلقةبالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.والتقاعس عن التحرك إزاء تغير المناخ يهدد بأن تكون البيئة التى سنتركها لأطفالنامختلفة تماما عن العالم الذي نعيشه اليوم, فتغير المناخ هو واحد من أكبر التحدياتالتى تواجه التنمية, والبشر بحاجة إلى تحمل المسئولية الأخلاقية عن التحرك بالنيابةعن الأجيال القادمة, لاسيما أشد السكان فقرا, وعلى دول العالم أن تتعامل مع مشكلةتغير المناخ بشكل أكثر صرامة, فالمزيد من جهود التكيف والتخفيف من آثار تغيرالمناخ أساسية, كما أن الحلول ممكنة, ويحتاج العالم فقط إلى استجابة دولية تضاهىضخامة مشكلة المناخ, وتضع الدول على مسار جديد من التنمية المناخية الذكية والرخاءالمشترك.