علاء السمان: إلى القائمين على فيلم"الثأر ثأري" ... لن نسمح بالإساءة لـ "البلابيش"
طالعتنا بعض المواقع الإخبارية خلال اليومين الماضيين بأنباء حول التجهيز لإنتاج فيلم سينمائي باسم (الثأر ثأري) يشارك فيه بعض الفنانين منهم سيد بدرية ومحمد سعد وسوسن بدر.
الأمر مقبول إلى هذا الحد، ونحن مع طرح المعالجات لكل الممارسات السلبية في العموم، ولكن أن يتناول أو يحكي الفيلم عن الثأر في البلابيش خاصة، ويسلط الضوء على تجاوزات من مُخيلة المؤلف ولا تمت للواقع بصلة فهذا غير مقبول لا شكلاً ولا موضوعاً، إنها مسقط رأسي ومسقط رأس المئات والآلاف من الرموز الصعيدية المصرية وجميعنا نعتز به، ولنا في شأن ذلك وقفة وانتفاضة!
وفقاً لما توارد من أنباء، فإن الفيلم يحمل في شكله روايات دموية، سيضاف لها بلا شك مادة ساخنة تتحدث عن جهل أو تراجع فكري يزعمه البعض، وفي مضمونه قد لا يخلو الفيلم من الكوميديا، خاصة وأن الممثل الكوميدي محمد سعد أحد أبطاله، فهو برع فقط في هذا النوع من الفن.
فهل يدرك القائمون على هذا الفيلم مدى الجُرم الذي يمكن أن يقعوا فيه حال تعرضهم لإسم قبيلة عريقة بطريقة سلبية، وهل بات دور الفن الهابط فقط هو تشويه البيئة الصعيدية المصرية وما تشكله قبائلها وعائلاتها من دور حيوي في النسيج الوطني؟
أعتقد أنهم يجهلون، وبطبيعة الحال لا يعلمون شيئاً عن البلابيش التي تمثل قطعة غالية على قلوب مئات الآلاف من المواطنين، في صعيد مصر، فهي تمتد بين سوهاج وقنا وتربط المحافظتين أواصر القرابة وصلة الرحم التاريخية منذ مئات السنين
ما أدراكم بتاريخ البلابيش مصنع الرجال كي تتناولوا جانباً سلبياً استطاع رجالها الأوفياء أن يغلقوه أو كادوا.
بدلاً من الزج باسم واحدة من أعرق القبائل العربية في فيلم عن الثأر كما يتردد، كان الأولى أن تبحثوا في البداية يا رواد (الفن الهابط) عن أوجاع الصعيد عامة، ومثل هذه المناطق المهمة جنوباً، لاسيما بعد أن تذيلت بحسب الإحصائيات الرسمية للدولة قائمة المناطق الأكثر فقراً، فالكل يعلم أن مركز دار السلام الذي تنتمي إليه البلابيش يفتقر لأبسط الخدمات التي يستحقها الآدميون الذين يعيشون هناك إن كان المسؤولون يعتبرونهم كذلك.
كيف سيصف فيلمكم الفاشل قبل ولادته البلابيش التي خاضت حروباً مع أبناء عمومتها من أجل رفعة بلادنا عندما كان الغُزاة ينهبون مقدراتها وثرواتها.
هل تعلمون أن البلابيش كانت ضمن منظومة الدفاع عن الحق المصري ضد آخر سلاطين المماليك قبل نحو 250 عاماً، لم يكن لك ولا لسلسالك وقتها أي وجود يا أخ "بدرية"، لا أنت ولا رفاقك ولا من على شاكلتكم، فأجدادنا كانوا في مقدمة الصفوف عندما كان الآخرون يقدمون التنازلات!
يا من تروجون الأكاذيب عن البلابيش (سوهاج وقنا) وتصدّرون المشهد السيء عن التاريخ الذي نفخر به، نحذركم من هذا الخطأ الجسيم، فلا تتعرضوا أو تزجوا بإسم البلابيش في موادكم الفيلمية، دموية كانت أو كوميدية.
بلابيشنا يا سادة حاربت من أجل مصرنا الحبيبة، واجهت الإرهاب بكل صوره، وتتعاون دائماً مع أجهزة الدولة لتقوية الجبهة الداخليه، فهذا دور شبابها الشرفاء أصحاب العزة والكرامة، إن البلابيش وأبناء العمومة والأقارب من القبائل الأخرى بدار السلام سوهاج وفي قنا يقدمون الغالي والنفيس لتدعيم وحدة الصف وما زالوا، بل أنهم على أتم الاستعداد لـ(لبس المموه) من جديد إذا لزم الأمر.
إن شباب البلابيش والصعيد عامة يقفون اليوم بمقدمة الصفوف التي تنادي بدعم الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة للنهوض من جديد.
وسبق أن كان أبنائها أول من أيّد النقلة النوعية المصرية الحالية التي يقودها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجيشنا العظيم، ولعل ذلك مُثبت رسمياً منذ ثروة 30 يونيو عندما استعادت الدولة هويتها.
فهل ستمر الاستهانة بأصولنا وعاداتنا وتقاليدنا وبلادنا وبكرامتها مرور الكرام؟
حقاً ، لا يخفى أن البلابيش قد مرت ببعض المطبات حالها في ذلك حال العديد من المناطق الصعيدية وفي كل المحافظات، تخلّل تلك المطبات حدوث خصومات ثأرية، ولكن لدينا من يقول كفى، لدينا من يقول حيّ على المصالحات، لدينا أيضاً من يستجيب ويتنازل عن حقه لإغلاق صفحات الثأر، ليس خوفاً أو رهباً من شيء لا سمح الله، بل حفاظاً وحرصاً على مستقبل أولادنا والأجيال القادمة.
أيها القائمون على الفن في مصر لا تصدّروا المشاهد الظالمة للصعيد، قدّموا أدواراً محورية حول ما تعانيه بلادنا من نقص في الخدمات، من ظلم وفساد يحول دون تنفيذ توجيهات القيادة العليا التي يُفترض أن تتصمن اهتماماً بالصعيد والعمل على نهضته ... أم أن ما يحدث هو اهتمام نهضوي من منطور خاص! .
لا تختزلوا تاريخ البلابيش في بعض التجاوزات التي اندثرت، أو في حوادث ثأر كادت أن تختفي، فهناك ملفات تستحق تسليط الضوء أكثر لدعم الشباب وتوفير مساحة خدمية تواكب تطلعات المواطنين، لا تكونوا سكيناً يقطع خيوط الأمل في مستقبل مشرق، بل كونوا مشرطاً بيد طبيب جراح يحدد أماكن الوجع ويجري جراحته بحنكة ثم يصف العلاج للقضاء على الآلام.
نأمل ألا يزج القائمون على هذا الفيلم باسم البلابيش في أي مشهد يسيء لها ولتاريخها العظيم ولأبنائها رجال ونساء، فأبنائها يا سادة كُثر ، يعملون في العديد من الميادين، ويتقلدون آلاف المواقع المهمة، فمنهم كبار رجال القضاء من مستشارين وقضاة، بمختلف المحاكم والنيابات المصرية، ومنهم أساتذة جامعات وإعلاميون وصحافيون، وأطباء ومعلمون، ومحامون خبراء، ومهندسون وفنيون وتجار ورجال أعمال ومزارعون، بل منهم كل الفئات دون استثناء.
نحن نعشق تراب مصرنا الحبيبة يا سادة، وعلى استعداد للتضحية بأرواحنا فداء لها.
الكل يعلم أن وطننا الغالي يواجه حملات شرسة ومعاول هدم خارجية كادت أن تقضي علينا لولا صرامة القيادة وقدرتها، بدعم من درع الوطن بالداخل والخارج (الجيش والشرطة).
ونعلم أيضاً أن المتآمرين في الداخل كثيرين، فهل القائمون على فيلم الثأر هذا يسعون لمثل هذه الإساءات ضمن طابور الهدامين أم أن الأمر التبس عليهم لجهل أو لعدم دراية.
لن يقف أبناء البلابيش مكتوفي الأيدي ليشاهدوا فيلماً يسيء لبلدهم، وإن حدث فلن تكون عاقبة ذلك محمودة، ومن يتفهم رسالتنا هذه بمنطور بناء فأهلاً وسهلاً ومن يراها تهديداً فهي كذلك أيضاً، سنسلك الطرق القانونية لمنع ذلك، سنقاضي كل من يسيء لنا، سنذهب إلى أقصى مدى للدفاع عن كرامتنا، ونحن على يقين بأن دولة القانون ستنتصر بالنهاية.
اللهم بلغنا!