اللاتخصصية.. اللامعاييرية.. والفشل الزريع بالجامعات
الخميس 12/سبتمبر/2019 - 11:45 م
كتب الدكتور هاني أبو العلا الأستاذ بجامعة الفيوم؛ لاشك إننا نجابه مشكلات لا يمكن إنكارها تتمثل في تدني مستويات التعليم و الأنشطة الطلابية بكثير من الجامعات اليوم، التي قد اقتصر عدد كبير منها على تأدية الخدمة تظرياً، دون أي محاولة للتجويد فيها، أو إن شئت فقل إن رسالاتها أصبحت تقتصر على اتخاذ سياسة (التمثيل المُشرِف)..
فالمقارن بين جامعاتنا اليوم ومثيلاتها في بدايات القرن العشرين يجد اختلافاً كبيراً على كافة المستويات رغم وجود تلك التكنولوجيات الحديثة والأساليب التعليمية المبتكرة والثورة في المعلومات والاتصالات، التي جعلت من العالم قرية صغيرة، إلا إنه للأسف فقد شهدت معظم مجالات التعليم والأنشطة الطلابية كساداً لا يمكن إنكاره، فبعدما تأهبت جامعاتنا، التي كانت تُعد على الأصابع مراكز الصدارة في كثير من فروع العلوم و الآداب أصبحنا اليوم نُباهي ونتباهى بارتفاع ترتيب الجامعة (س) من المرتبة ٦٠٠ إلى المرتبة ٥٩٩ على مستوى العالم أو ما شابه. وعلى صعيد النشاط الطلابي لتلك الفئة الشابة من الطلاب، فبعد ما كنا نتباهى بفئات متميزة من الطلاب في شتى مناحي الفنون والآداب والأنشطة الذهنية والبدنية، ما يجعلهم مؤهلين لتَقلد المواقع القيادية مستقبلاً، أصبح دور كثير من الجامعات ينحصر فقط في الاشتراك والتمثيل النظري في تلك الأنشطة..
والسؤال يطرح نفسه، ما السر وراء ذلك؟ وهنا يتبادر إلى ذهني أغنية الرائع عزيز عثمان من كلمات بديع خيري (بطلوا ده واسمعوا ده، ياما لسة نشوف وياما، الغراب يا وقعة سودة جوزوه أحلى يمامة) حقاً هي الكلمات الناقدة المضحكة، التي قد تجدها واصفة لكثير من الأحداث داخل الجامعات المصرية..
وإذا كنا قد بدأنا بالنتائج، فأين هي الشواهد إذن؟.. للقارئ أن يحكم بنفسه، فكيف لمتخصص في القانون المدني أن يقوم بتدريس قانوناً جنائياً مثلاً ؟ وكيف لأستاذ في التاريخ الحديث أن يقوم بتدريس التاريخ الفرعوني؟ وكيف لأستاذ الرياضات الحركية أن يشرف على رسالة ماجستير في الأنشطة الذهنية؟ ..
وعلى الجانب الآخر كيف لمتخصص في الطب البيطري أن يكون مسئولاً عن الأنشطة الطلابية في جامعة، على الرغم إنه لم يكن ليمارسها حتى وهو طالب؟ وكيف لمتخصص في العلوم التربوية أن يكون مديراً لوحدة إدارة الأزمات مع إن من يدير وحدة التقويم الطلابي هو متخصص في مقاومة الآفات الزراعية؟! وكيف وكيف وكيف؟ وهنا يكون السؤال أو إن شئت فقل تكون الكارثة، فكيف يحدث ذلك؟ وللإجابة نطرح سؤالاً آخر؛ و نحن نقرأ كل يوم عن اعتماد بعض البرامج الأكاديمية و الكليات من الهيئة القومية لضمان الجودة و الاعتماد الاكاديمي فهل هناك توصيف وظيفي محدد و مُلزم للسادة أعضاء هيئات التدريس بتلك الأقسام العلمية و الأدبية بالجامعات؟وهل هناك معايير واضحة وصارمة لاختيار الرجل المناسب لشغل المواقع القيادية داخل الجامعات؟ أم يتم الاختيار وفقاً لأهواء شخصية للبعض؟..
دعونا نجزم إن اللا تخصص في التدريس واللا معيرة في اختيار مسئولي الأنشطة الطلابية و الأكاديمية داخل الجامعات ناقوساً للخطر أصبح يدق كل يوم معلناً حالة التردي في بعض الجامعات، بصفة خاصة الجامعات الإقليمية منها، وهنا دعوة للسادة المسئولين في تلك الجامعات بأن نتذكر فضل تللك الجامعات علينا، فهل يكون رد الجميل أن نسعى لمصالح شخصية غير عابئين بالمصلحة العامة؟ فمصرنا الجديدة تحتاج لتكاتف الهمم للبناء و العمل والسير قدماً لاستعادة مكانة الجامعات المصرية، التي عرفها العالم.