مَهَمَّةٌ قَوميةٌ ...
الأحد 02/يونيو/2019 - 10:43 ص
الإعارةُ في الجامعاتِ الحكوميةِ مُتنفسٌ مشروعٌ للخروجِ من ضيقِ المرتباتِ التي يتقاضاها أعضاءُ هيئةِ التدريسِ. وينصُ قانونُ الجامعاتِ على أنه لعضو هيئةِ التدريسِ ما مجموعُه عشرةُ سنواتٍ من الإعارةِ. واستثنى القانونُ من ذلك المَهامَّ القوميةَ التي يُسمحُ بمقتضاها لعضو هيئةِ التدريسِ العملُ خارجَ الجامعةِ لفَترةٍ مفتوحةٍ ودون أن يكونَ للجامعةِ رأيٌ، أي من الممكنِ أن تتجاوزَ العشرةَ سنواتٍ بسنواتٍ وسنواتٍ. والمَهامُّ القوميةُ المقصودةُ في القانون هي للعملِ خارجَ الجامعةِ الأصليةِ كعمداءٍ لكلياتٍ و نوابٍ ورؤساءٍ لجامعاتٍ، وكذلك في الوظائفِ الإداريةِ والفنيةِ العليا وصولًا للوزراءِ.
أيضًا، فإن قانونَ الجامعاتِ ينصُ على أن نسبةَ الإعارةِ بكلِ قسمٍ علمي لا تتجاوزُ ٢٥٪ من عددِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ بالقسمِ. فإذا كان بالقسمِ ٤٥ عضو هيئةِ تدريسٍ فيُسمحُ بالإعارةِ لعددِ ١٢ عضو هيئةِ تدريس، وإذا كان بالقسمِ ٨ مَهام قومية فلن يتبقى للإعارةِ التي ينص عليها القانون سوى أربع إعاراتِ!! أليس من المنطقِ العادلِ أن يُستبعدَ من تعدادِ القسمِ من هم في مَهامٍّ قوميةٍ؟ لو استبعدناهم سيكون تعدادُ القسمِ ٣٧ عضو هيئةِ تدريسٍ وهو ما يسمحُ بإعارةِ ١٠ من أعضاءِ هيئةِ التدريسِ المطحونين. لكن من سيقومُ بالأعباءِ التدريسيةِ؟ كلمةٌ ظاهرُها الحقُ، ألا يُعتبرُ القيامُ بالمهامِّ التدريسيةِ مَهَمَّةً قوميةً أيضًا تستوجبُ الحدَ من المَهامِّ القوميةِ الإجباريةِ المفتوحةِ إلى ما شاءَ الله. بأي منطقٍ يُمنعُ عضو هيئةِ تدريسٍ من الإعارةِ لأن النسبةَ المسموحُ بها مُستغرقةٌ في المَهامِّ القوميةِ؟ بأي عدلٍ يتقاضى من يخرجُ في مَهَمَّةٍ قوميةٍ إجباريةٍ مفتوحةٍ ما بين ثلاثةِ أضعافِ وعشرةِ أضعافِ ما يتقاضاه أي عضو هيئةِ تدريسٍ؟ أما من صيغةٍ توائمُ بين حقوقِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ كافةً؟ هل تعجزُ الجامعاتُ والمسؤولون عن التعليمِ عن تحقيقِ العدالةِ؟
ومع تباري مسؤولين في القراراتِ الاحتفاليةِ بغرض إظهارِ الحفاظِ على فلوسِ الدولةِ كانت قرارتُ التضييقِ، خاصةً على الأساتذةِ المتفرغين وكأنهم الحائطِ المائلِ الذي سيؤدي التخلص منه إلى حلِ المشكلاتِ الاقتصاديةِ. ولما كان الشئُ بالشئِ يُذَكِرُ، كم يبلغُ ما يتقاضاه الأساتذةُ المتفرغون مقارنةً بما يُنفقُ على الجودةِِ إياها ومكافآتِها ولجانِها؟ هل يليقُ ما يتعرضون له باحترامِ العلمِ وتقديرِ أهلِه؟ أليسَ من العدلِ أن تُفتحَ إعاراتُهم أُسوةً بالمَهامِّ القوميةِ الإجباريةِ المفتوحةِ عِوضًا عن ثباتِ ما يتقاضونه شهريًا؟ لِما يُعرضُون لأسوأِ ما في بعضِ النفوسِ؟ أما من حلٍ منصفٍ لثباتِ ما يتقاضونه إذا لم يخرجوا في إعارةٍ؟
مَهَمَّةٌ قوميةٌ إجباريةٌ مفتوحةٌ أصبحت طريقًا للعديدِ من المسؤولين والإداراتِ الجامعيةِ التي كانت؛ لما لا يتخذون إذن حالَ خدمتِهم ما لن يُطَبقُ عليهِم؟ لما لا يتبارون في التضييقِ أمام الكاميراتِ؟
هل أعضاءُ هيئةِ التدريسِ صنفان، مطحونون ومَهامٌّ قوميةٌ إجباريةٌ مفتوحةٌ؟
لا حياءَ في الحقِ.
اللهم اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس