الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الصراع على النفوذ التجارى بين الولايات المتحدة والصين

الخميس 30/مايو/2019 - 10:53 م

إن التحول فى بنية النظام الدولى فى المرحلة الأخيرة ,من النظام أحادى القطبية الى النظام شبه المتعدد, لم تقتصر فيه المنافسة على النفوذ والسيطرة على المجالات السياسية والأمنية, بل تعدت ذلك الى بروز ما يعرف بالحروب الباردة الاقتصادية, فالمنافسة الأمريكية الروسية الصينية والأوربية في الهيمنة على القرار الدولي, تجلت في أبعادها الإقليمية في الأزمات الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط, سواء فى سوريا واليمن وليبيا, وفى القضايا ذات البعد العالمى مثل كوريا الشمالية والبرنامج النووى الايرانى وغيرها..


وربما يمكن القول أن التنافس الأمريكي  -الصينى يتخذ شكل البعد الاقتصادى أكثر منه سياسياً وإن كان الاثنين متكاملان فى التأثير, فالمزاحمة الاقتصادية الأمريكية الصينية فى كل من أوربا وأسيا وافريقيا انتقلت من المجال الجغرافى فى هذه المناطق الى اتخاذ خطوات تصعيدية اقتصادية من قبل العملاقين على المستوى الثنائى..


وربما يكون قطاع الاقتصاد المعرفى والذى يتعلق بالمنتجات الخاصة بالتكنولوجيا والتطبيقات الذكية هو أكثرها تحديداً فى هذا الأمر, حيث فرضت الولايات المتحدة حظراً على عملاق تكنولوجيا الاتصال الصينى "هواوى"  يتضمن عدم حصولة على التكنولوجيا الحيوية الأمريكية فى هذا المجال, والذى دعا الصين الى فرض تعريفات جمركية على المنتجات الزراعية الامركية التى تستوردها..


ونقلت مؤخراً وكالات الانباء عن أن ادارة الرئيس الامريكى ترامب تدرس توسيع نطاق الحظر ليشمل خمس شركات صينية أخرى تعمل فى مجال أجهزة المراقبة, وقد تعدى الأمر حدود ذلك لتعلن شركيتين صينيتين للطيران طلب التعويضات من شركة  بوينج الامريكية بعد حظر طيران طائرات بوينج 737 عقب الحوادث الأخيرة..


ويترك هذه النزاع التجارى أثره على مستقبل الاستثمار المتبادل بين القطبين, حيث أن بعض الشركات الأمريكية الموجودة فى الصين تدرس نقل جزء  أو كل نشاطها خارج الصين, كما أنها تراجعت فى قرارات استثمارية مستقبلية نتيجة تلك الخطوات, وتأثرت الشركات الصينة فى أوربا وبخاصة فى بريطانيا جراء ذلك..


ويمكن القول أن هذا التنافس الشرس قد يتعدى أثاره حدود النطاق الثنائى للدولتين الى النطاق العالمى, وبخاصة فيما بتعلق بتجارة تكنولوجيا الاتصالات العالمية..


فرغم تخفيف حدة التوتر بينها إلا أن تأثر سوق الاسهم بهذه التصرفات إنما يشير الى أنه فى ظل العولمة التى أضحى فيها العالم قرية كونية صغيرة, تتأثر قطاعاتها بتصرفات الدول هنا أو هناك ,بل بتصرفات الفاعلين الجدد من قبيل الشركات متعددة الجنسيات, وحيث أن سوق تكنولوجيا الاتصالات هو الأكثر انفتاحاً وخطورة نظراً لتعدد تطبيقاته الدائمة التطور والتى تحمل تطورات إيجابية فيما يتعلق بسهولة وانسيابية المعلومات, إلا أنه يحمل مخاطر تتعلق بحماية الخصوصية وجرائم المعلومات, فمن المرجح أن تتأثر الاسهم التجارية الخاصة به فى العالم, بل يمكنها التأثير فى القرارات السياسية للدول..