الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم

هل نُرَبِّي أطفالَنا أم هم يُرَبُّونَنَا ؟

الإثنين 09/ديسمبر/2013 - 01:41 ص

يشعر كثير من الكبار، لاختلاف وجهات نظرهم بالنسبة لسلوك اطفالهم، بأن الطريقة الوحيدة لتوجيه أبنائهم نحو السلوك الخلقى هو أن يقرنوا العقاب الصارم بالأشياء السيئة التى يرتكبها الطفل، فإذا زاد ألم العقاب عن السرور الناتج من عمل الولد المشاغب ، فإن الطفل سرعان ما يتعلم أن يتجنب السلوك السيئغير أن الدراسات التربوية الحديثة تشير إلى ان استخدام أساليب التهديد والعقاب والإهانة من الوالدين والمدرسين يؤدى إلى شعور الطفل بالدونية وعدم الكفاءة وعدم الرضا عن الذات وعلى العكس من ذلك فالتلاميذ الذين يشعرون بتقدير الآباء والأمهات والمدرسين يزدادون ثقة فى قدراتهم ، وأدائهم ، وكفاءاتهم ويتدعم لديهم مفهوم الذات، ويُتوقَّع منهم تحقيق نسبة أكبر من النجاح فى تحصيلهم الدراسة وحول استخدام الثواب أو التشجيع نقول إن الأطفال حساسون جداً نحو سلوكهم، ويجدون سروراً كبيراً فى أن يحتفى الكبار بنجاحاتهم، إن الكبار سِراع التأثر بنجاحات أبنائهم ، كما أنهم سِراع التأثير في أطفالهم بالتشجيع والتحفيز ، و من الضرورى أن يكون التشجيع قائماً على الاستحقاق، إة لا يجوز الثناء على سلوكيات الأطفال ما لم يبذل الأطفال جهودا وصبرا وحبا للعمل ، ويمكن تحقيق الثواب والتشجيع عن طريق الكلمات الطيبة، والابتسامات فإنجاز الطف لعمل إيجابى معين مثل المساعدة فى تحضير المائدة، أو ترتيب وتنظيم الغرفة، ينبغى ان يقابل التشجيع والحوافز المختلفة، وقد تكون المكافأة لعبة أو هدية ما والمكافأة يكون لها مفعول أكبر عندما تقدم فور حدوث السلوك المرغوب فيه، ثم تأتى بعد ذلك المكافأت المعنوية للطفل لأنه يكون قد تعلم أن يشعر بارضا والارتياح لاتباعه السلوك الحسنومن المفيد أن نذكر بأنه فى التربية يجب أن يكون هناك حد للحب والصرامة.وتظهر البحوث التربوية أن الصرامة الزائدة تنفِّر الأطفال وتجعلهم منطوين مخادعين أشراراً معاندين ، ويؤدى السلوك الصارم من الوالدين بعامة ومن الأب بخاصة إلى خلق جو عدم الثقة في نفسية الطفل ، ويُنذر يحرمان الطفل من الفرح وحب البيت ، لهذا يجب أن يكون الحب والصرامة فى التربية متعادلين وأن تسود العائلة روح الجد والتسامح مع المزاح المعقول وأن يكون حب الأطفال موجهاً نحو المثل العليا.وهناك عديد من الدراسات والبحوث الأجنبية والعربية التى جاءت نتائجها تؤكد العلاقة بين سمات شخصية الفرد بما فى ذلك سلوكه الاجتماعى وتصرفاته فى المواقف الحياتية المختلفة و اكدت تلك الدراسات أن سمة الانبساط والإنطواء لدى الأفراد وسمة المشاركة الاجتماعية ترتبطان بإدراك الآباء لنفسية الأبناء و مدى تأثرهم بالعقاب .العوامل الأسرية المؤثرة فى عملية التنشئة الاجتماعية للطفل :يمكن تحديد أهم العوامل الأسرية المؤثرة فى التنشئة الاجتماعية للطفل بما يلى:-1- أثر سيطرة أحد الوالدين على عملية التنشئة الاجتماعية:إن سيطرة أحد الوالدين على عملية التنشئة الاجتماعة للطفل لها أثرها المباشر في تحديد نوع الدور الذى يسلكه فى حياته الراهنة والمقبلة فإذا كان الأب مسيطراً فإن ذلك يؤدى إلى تقمص الذكور لدور الأب ويغلب فى سلوكهم النمط الذكورى (الرجولى) أما إذا كانت الأم هى المسيطرة فإن ذلك يؤدى غالباً بالأطفال الذكور إلى السلوك العصابى أو الذهانى أحياناً.وعندما تتعارض سيطرة الأب مع سيطرة الأم فإن الطفل يواجه صراعاً مع اختيار الدور الذي يرتضيه من دوريهما ، وقد ينحرف سلوكه غبر مسالك غير سوية، وخير نموذج للعلاقات الأسرية المناسبة للتنشئة الاجتماعية السوية هو النموذج الذى يشبع فى جو الأسرة نوعاً من التكامل بين سلوك الأب وسلوك الأم، بحيث ينتهى إلى تدعيم المناخ الديمقراطى المناسب لتنشئة أطفال أسوياء . 2- أثر المستوى الثقافى (التعليمى) للوالدين فى عملية التنشئة الاجتماعية :يقصد بالمستوى الثقافى درجة التعليم التى حصل عليها الفرد فى اطلاعه على الأمور العلمية والأدبية والاجتماعية وهذا ينعكس على نمط حياته الأسرية وفى دراسة حول اتجاهات الوالدين فى عدد من المواقف الأساسية فى حياة الطفل (النوم والتغذية) تبين أن هناك ارتباطا واضحا بين أساليب المعاملة ومستوى الأبوين الثقافى وأن الأبوين المثقفيْن يستعملان اللين والاهتمام الزائد بحاجات الطفل الضرورية على حين يستعمل الأبوان الجاهلان أساليب أشد قساوة ولا يهتمان كثيراً بحاجات الطفل كحاجته للنوم ففى حال وقع شجار بين الأخوة داخل الأسرة يستعمل 45% من الأباء الجاهلين أسلوب العقاب البدنى للمعتدى في حين لا يستعمل هذا الأسلوب إلا 17% من الأباء المتعلمين، ويلجأ 49% من أبناء الطبقات الأرقى للنصح والإرشاد اللفظي مقابل 27% من أفراد الطبقة الدنيا . وحول تسامح الوالدين نحو أبنائهما وجد ارتباط إيجابى ذو دلالة بين مستوى تعليم الأم والآب ومدى تسامحهما مع أبنائهما وكذلك فى اختيار المهنة والأصدقاء ولهذا يمكن القول إن مستوى وعى الوالدين يعد عاملاً أساسياً فى أسلوب معاملة الطفل وتنشئته الاجتماعية، إذ كلما زاد وعى الوالدين ، زاد الاهتمام بعملية تربية الأبناء وذلك من خلال تأكيدهم أهمية الإشباع النفسى والسعادة والانضباط الذاتى للأبناء أما الوالدان المفتقران إلى الوعى التربوى، فإنهما يهتمان فقط بالمسايرة الاجتماعية أو الطاعة العمياء لأبنائهما، أو يميلان إلى استخدام القسوة والضبط الزائد لتصويب سلوكيات أبنائهم التي يرونها خاطئة . 3- أثر المستوى الاقتصادى الاجتماعى للأسرة التنشئة الاجتماعية :المعاملة والمستوى الاقتصادى للأبوين : اكدت الدراسات وجود ارتباطات موجية ذات دلالة احصائية بين المستوى الاقتصادى للأبوين ودرجة تسامحهما وربما يصل إلى 33% ومعنى هذا زيادة التسامح بارتفاع المستوى الاقتصادى وفى دراسة لآلن سميث عن استعمال العقوبات البدنية فى الطبقة الدنيا والوسطى تبين أن أسر الطبقة الوسطى قلماً تلجاً إلى العقوبات البدنية وإن لجأت إليها فإنها تستعملها باعتدال أما اسر الطبقة الفقيرة فتستعملها كثيرا وتبالغ فى قسوتها أحياناً المعاملة والوضع الاجتماعى للأبوين: يقصد بالوضع الاجتماعى مركز الأبوين فى المجتمع فقد يكون الأب موظفا كبيرا أو زعيماً سياسيا أو دينياً او شخصاً عادياً أو ضعيفاً ينظر إليه الناس بإزدراء وقد يكون فقيرا لكنه يتمتع بمركز مرموق بين الناس أو غنياً لا تقدره الجماعة ولقد تبين أن الأمهات الأكثر تعليماً والأفضل من حيث المستوى الاجتماعى والاقتصادى، كن أكثر ميلاً إلى توفير الاستقلال لأطفالهن، واكثر تعاوناً وميلاً إلى المساواة بينهم بالمقارنة مع الأمهات الأقل تعليماً والأدتى من حيث المستوى الاجتماعى والاقتصادى والثقافى، حيث كن أكثر ميلاً إلى الضبط والعقاب كما أظهرت دراسة أن الأمهات والآباء من منخفضي المستوى الاجتماعي والاقتصادى أكثر إهمالاً وقسوة وتسلطاً وتذبذباً فى معاملتهم للطفل مقارنة بأمهات وآباء الأطفال من المستويين الأوسط والمرتفع ، كما اظهرت النتائج ايضا أن معاملة الأمهات للإناث من المستوى الاجتماعى الاقتصادى المرتفع أكثر ميلاً للحماية والسواء مقارنة بمعاملتهن للذكور من المستوى المرتفع كانت أكثر ميلاً للقسوة، وفى المستوى المتوسط كانوا أكثر ميلاً للتساهل4- أثر عمر الوالدين على عملية التنشئة الاجتماعية:أكدت بعض الدراسات أن الوالدين الأكبر سناً أكثر ميلاً لأسلوب الحماية الزائدة فى تربية الأبناء من الوالدين الأصغر سناً، كما أنهم يتطلبون مستويات مرتفعة من الطموح.وهذا يشير إلى أن الآباء الأكبر سناً تزداد حساسيتهم لمستقبل أبنائهم مما يجعلهم أكثر ضغطاً وأكثر تدخلاً ف حياتهم مما ينعكس سلباً على شخصياتهم5- أثر جنس الوالدين على عملية التنشئة الاجتماعية:أظهرت دراسات كثيرة أن الأمهات أكثر تسامحاً من الآباء فى اتجاهاتهم نحو أبنائهم، وهذا ما يفسر تفضيل الأطفال لأمهاتهم أكثر من الآباء فى مراحل نموهم المبكرة، حيث يكون اعتماد الأطفال على أمهاتهم فى إشباع الحاجات الأساسية لهم.كما اشارت دراسات أخرى إلى أن الآباء اكثر تسلطاً من الأمهات، وأكثر حماية فى اتجاهاتهم نحو الأبناء، ويفسر ذلك فى ضوء الدور الذى تفرضه الثقافة العربية على الآباء من حيث مسؤوليتهم فى إعداد الأبناء وتوجيههم لبناء المستقبل 6- أثر تركيب الأسرة فى التنشئة الاجتماعية:إن لحجم الأسرة أثراً كبيراً فى نمط التنشئة الاجتماعية للأطفال، إذ وجد التربويون أن علاقة الطفل المبكرة بالأم تتأثر إلى حد كبير بحجم الأسرة وعدد الأطفال لدى الأم، حيث تبين أنه كلما زاد عدد الأبناء فى الأسرة كلما كثرت مسؤولية الأم وقل إهتمامها بأبنائها ومما هو ملاحظ أن الأسرة التامة الأعضاء تتجه لأبنائها فى المعاملة بشكل أقسى من أسرة مات طفل فيها ومعاملة الأم المطلقة أو التى توفى زوجها تختلف عن معاملة من تعيش مع زوجها وكذلك شأن الاب كيف تكون الأسرة صالحة؟سؤال يطرح نفسه وللأجابة عليه يتم إتباع النصائح التالية:- * حسن اختيار الزوجة، وإن لم تكن بذاك الصلاح، فإن من واجبات رب البيت السعى فى إصلاحها وأن يجعل بيته قبله ومكاناً لذكر الله وأن يهتم بتربية أهل البيت التربية الإيمانية وأن يصنع نواه لمكتبة إسلامية فى بيته.* إتاحة الفرصة لاجتماعات تناقش أمور العائلة- عدم إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد- عدم إدخال من لا يرضى دينه إلى البيت- حفظ أسرار البيوت- الملاحظة والممازحة لأهل البيت.* التركيز على التربية الأخلاقية والمثل الطيبة، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهما- إحترام الأبناء عن طريق الإحترام المتبادل، وتنمية الوعى والصراحة والوضوح- مقاومة الأخلاق الرديئة فى البيت- فهم نفسية الأولاد وإعطائهم الثقة فى أنفسهم.* إشتراك الأولاد فى القيام بأدوار إجتماعية وأعمال نافعة- الحزم فى تنظيم أوقات النوم والواجبات- الدقة والملاحظة لأحوال أهل البيت- تقويم عمل المراة خارج البيت.* التشجيع الدائم للأولاد والاستحسان والمدح، بل وتقديم الهدايا والمكافأت التشجيعية، كما قدموا أعمالاً نبيلة ونجاحاً فى حياتهم.* قبول التنوع فى اختيارات الأبناء الشخصية، كإختيار اللباس وبعض الهوايات ما لم يكن فيها محاذير شرعية.* عدم السخرية والتهديد بالعقاب الدائم للأبناء، متى أخفقوا فى دراستهم أو وقعوا فى أخطاء من غير قصد منهم، بل يتم تلمس المشكلة فى هدوء، ومحاولة التغلب على الخطأ بالحكمة، والترغيب والترهيب.* الصبر الجميل فى تربية الأبناء، وتحمل ما يحدث منهم من عناد أو عصيان، والدعاء بصلاحهم وتوفيقهم- إشباع حاجة الطفل للحب والطمأنينة- تشجيع الطفل على الاستفسار وتوجيه الأسئلة قيام الحياة العائلية على النظام- إتاحة فرصة اللعب للطفل * اتصال المعلم بولى أمر التلميذ قد يعين على بلوغ الهدف الخلقى.* الإهتمام بالإصلاحات اللازمة وتوفير وسائل الراحة- الإعتناء بصحة أهل البيت وإجراءات السلامة المناسبة- اختيار الجار قبل الدار- منع التدخين فى البيوت.* - تخصيص وقت محدد لمشاهدة التليفزيون والجلوس على الكمبيوتر- الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة فى البيت عند غياب زوجها.* معاونة أهل البيت فى عمل البيت- أن يعترف الوالدان بالفروق الفردية بين الأطفال ، وأن تضع الأسرة لأطفالها أهدافاً يمكنهم تحقيقها فى حياتهم وأن يسود الأسرة جو من الديمقراطية والحرية يمكن أفراد الأسرة من التعبير عن أنفسهم وعن أفكارهم وحاجاتهم دون خوف أو تردد .