الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم

التعليم في الجامعات بين الواقع والتحديات "1/5"

الأحد 11/أغسطس/2013 - 03:19 ص

تعد قضية التعليم هي القضية الرئيسة لأي دولة تسعي الي التقدم واللحاق بركب الدول المتقدمة. فلا توجد دولة على مدار التاريخ احتلت مكانة كبرى إلا وكان التعليم هو الأساس الذي قامت عليه. لم تقم الحضارة الفرعونية إلا على العلم حتي وصل المصريين القدماء لمعارف لم يتوصل العلم حتى اليوم لفك أسرارها، وسادت اليونان القديمة العالم حين أصبحت أثينا هي منارة العلم، وفتح العرب المسلمين العالم حين التزموا بكتاب الله وسنة نبيه وكانت أول آية تتنزل في القرآن الكريم هي ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(. العلق 1. وقامت النهضة الأوروبية الحديثة بما تبعها من حركة الكشوف الجغرافية والاستعمار على العلم والتعليم. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الصراع الحالي بين الدول الكبرى هو صراع سياسي او اقتصادي او غير ذلك فإنه في حقيقة الأمر صراع علمي يقوم على التقدم الذي لا يقوم إلا على العلم والتعليم. وفي الوقت الذي تتصارع فيه دول العالم للتقدم العلمي ويحتل التعليم المكانة الأولى في الإنفاق الحكومي والخاص، فإننا لا نظهر في خريطة التعليم العالمي، حتي أصبحت أمة إقرأ لا تقرأ.
وفي الوقت الذي تبارت فيه الحكومات المتعاقبة على إدعاء أهمية التعليم والاهتمام به، وجعله أولويتها الأولى فإن الأمر لم يتجاوز مجرد الدعاية، ولم يكن له أي مردود على أرض الواقع. فتشدق السياسيون بأهمية التعليم وأنه قاطرة الأمة في الوقت الذي وصل بهم الأمر الي محاربة العلم والعلماء إما بشكل مباشر بمناصبتهم العداء، أو بشكل غير مباشر بالتضييق عليهم في رزقهم وعدم توفير أدنى الإمكانيات لهم لشغلهم بالسعي وراء الرزق حتي وصل الأمر الي أن تحتل مصر المرتبة 148 في جودة التعليم على مستوى العالم، وتخرج الجامعات المصرية من تصنيف أفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم.
وبعد ثورتين متتاليتين لم يحدث أي تقدم في الوضع التعليمي في مصر، بل يمكن القول أنه زاد تدهوراً لكثير من الأسباب التي ترجع الي التدهور في المجتمع المصري على كافة المستويات، وهو أمر يمكن تفهمه في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والانفلات الأخلاقي نتيجة لعدم استيعاب مفهومي الحرية والديمقراطية. لتجد البلاد نفسها في الفترة الراهنة في مفترق طرق بين استمرار الحالة المتردية للتعليم والتي تنعكس على كل قطاعات المجتمع، فلا زراعة ولا صناعة ولا تجارة بدون علم وتعليم ينتج مخرجات صالحة بشكل حقيقي لتلبية احتياجات سوق العمل. وبين إصلاح حقيقي وجذري لمنظومة التعليم بكاملها مما ينعكس على المجتمع بصورة إيجابية، ويخرج البلاد من كبوتها التي طالت، وأصبح استمرارها يعني إنهيار حقيقي وكامل للمجتمع المصري.
وإصلاح منظومة التعليم يقتضي تضافر كل جهود المجتمع من أجل الإرتقاء به، وعدم إلقاء العبء على الدولة فقط، بل مشاركة مجتمعية كاملة تساهم فيها الحكومة والقطاع الخاص في الارتقاء بالتعليم، وهو ما يتطلب الاهتمام بعناصر المنظومة التعليمية المتمثلة في اA271ستاذ والطالب والادارة. وكيفية الاستفادة القصوي من هذه العناصر الثلاثة وإصلاح الأخطاء فيها وحل المشكلات التي تواجهها، ليس من أجل المنافسة الآن بل لمحاولة اللحاق بركب التقدم العلمي وعدم زيادة الهوة الشاسعة التي تفصلنا عن العالم المتقدم.