الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

العينولوجي!!

الأحد 29/أبريل/2018 - 01:50 ص

كثيرا ما نلاحظ إستخدام كلمة عين في حياتنا، مثل "عين الحسود فيها عود" لتفادي شر الحسد أو "لازم توري له العين الحمرا" دلالة علي شدة العقاب أو كما كانت تفعل جدتي رحمة الله عليها بشراء عين العفريت من عند العطار وحرقها في البخور لإبعاد الشر. فنحن نري كل شئ بالعين فهي عضو الإبصار في الجسم، حتي من حرموا نعمة البصر فقد زادهم الله قوة في باقي الحواس لتعويض فقد هذا العضو الهام من الجسد.

 

فلقد خلق الله سبحانه وتعالي العين للرؤية، وعلي هذا فكافة الامور المتعلقة بالعين عظيمة وتدلل علي قدرة الله عز وجل. ويعتبر الحسن إبن الهيثم أول من شرّح العين تشريحًا كاملاً ووضّح وظائف أعضائها، وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار.

 فعملية الرؤية من الأمور التي حيّرت العلماء قديما"، مثلاً في هذا الأمر فهناك من المفكّرون مثل اقليدس وبطليموس من كانوا يؤمنوا بنظريّة الإنبعاثات، هذه النظريّة التي تفترض أن الإبصار يتم اعتمادًا على أشعة الضوء المنبعثة من العين، لكن إبن الهيثم عارض هذه النظريّة وعلّلها بأن الشعاع لا يمكن أن ينطلق من العينين ويصل إلى النجوم البعيدة مثلا" في لحظة بمجرد أن نفتح أعيننا وعلي ذلك فقد عرفنا أن العين هي عضو يلتقط الضوء الذي تعكسه الأشياء، هذا إذا ما أردنا الإجابة علي سؤال كيف نري؟

 

ولكن يبقي ما نود معرفته عن كيفية تأثير العوامل النفسية علي رؤيتنا للأشياء؟ أو كما أشار مؤلف كتاب "كيف ترى ما لا يراه الآخرون"، جراي كلاين Gary Klein: الرؤية، هي عبارة عن تحول غير متوقع في الطريقة التي نفهم بها الأشياء. فالرؤية تأتي في لحظة، فكان لتشارلز داروين Charles Darwin واحدة من أعظم النظريات في التاريخ فبعد قراءة كتاب مكتوب منذ 40 عاما عن النمو السكاني والمنافسة في الموارد، رأى داروين على الفور الإختلاف بين الأنواع فولدت نظرية الإنتخاب الطبيعي والتي تعد أحد أهم النظريات في الوقت الحديث، هذا ما سميته مجازا" العينولوجي.

فالعينولوجي هي الرؤية الكاملة للاشياء التي تأتي دون سابق إنذار، أنها ليست شيئا نعتقد أنه سوف يحدث، بل تبدو وكأنها هدية، بل هي جزء من الواقع الذي لم نراه من قبل. هذه اللحظات من الوضوح المفاجئ والغير متوقع والتي لاتوجد سيطرة عليها، ولكن هناك طريقة لتدريب الدماغ لتصبح أكثر انسجاما لها وبالرغم من كون هذه الرؤية غير متوقعة، ولكن يمكننا فعليا تدريب أنفسنا علي العينولوجي لرؤية الأفكار التي قد لا يلاحظها غيرك من خلال بعض النقاط الهامة منها: يعتبر الفضول هو أهم وسيلة لتصبح ذات "عينولوجي" رؤية ثاقبة، فعدم وجود أو ضعف الرؤية غالبا ما يأتي من الحالة السلبية التي يعيش فيها العقل فكن إيجابيا دائما" حتي تري.

من جانب آخر لا تضع لعقلك حدود في التفكير، فمثلا" وجدت دراسة نفسية عام 2012 تقول أن أحلام اليقظة على الرغم من أنها قد تبدو حالة سلبية أو مرضية لكنها في الواقع تنطوي على حالة الدماغ النشطة جدا، وهذا هو السبب في أن العقل يمكن له أن يتجول في بعض الأحيان ليصل إلي العينولوجي في حالة من الخيال والإبداع، فإترك لعقلك المجال ولا تقيده. ثم عليك أن تنظر عن كثب في التناقضات، يمكن أن تحدث الرؤية عندما نواجه الأفكار التي لا معنى لها. التساؤل عن التناقضات هو طريق آخر إلى العينولوجي،

 

 التناقض غالبا ما يسبب لنا الشك ويمكن أن يكون وسيلة قوية أخرى لكسب أفكارا جديدة. ثم اخيرا" يجب عليك العمل علي رؤياك وتحسينها وعدم الإستسلام للأمر الواقع أو الإقتناع بعدم القدرة، فلقد وجد عددا هائل من الأمثلة لرؤى رائعة جاءت تحت ضغط. هذا الضغط يجبر الناس على النظر في الأشياء التي قد تم تجاهلها والذي يسمي "اليأس الخلاق"، ليكتسبون العينولوجي، والتي تشجعهم على التصرف المبدع والإبتكار. هذا هو في كثير من الأحيان كما يحدث في الشطرنج فخطوة غير عادية ناجحة تؤدي إلي الفوز بالمباراة. أتمني لكم الفوز جميعا" أصدقائي الاعزاء.