جامعات جامعات جامعات...
الإثنين 09/مارس/2020 - 11:52 ص
جامعاتٌ دوليةٌ تُفتَتَحُ، لرفعِ مستوى التعليمِ العالي، وحتى لا يتغربُ الطلابُ للدراسةِ، هذا ما يُعلنُ. بدايةً، فإن كلَ ما يرتقي بالتعليمِ والعلمِ مطلوبٌ. إلا أن هذه الجامعاتِ قد أُقيمَت بمعرفةِ رجالِ أعمالٍ، أي بلغةِ المكسبِ والخسارةِ. لم يثبثْ في ثقافةِ رجالِ الأعمالِ عندنا، أن النشاطَ الاجتماعي المُجردَ يدخلُ في حساباتِهم، على النقيضِ تمامًا من رجالِ الأعمالِ في الخارجِ. هذه الجامعاتُ إذن مشروعاتٌ استثماريةٌ تقومُ على شراءِ أراضٍ مقابلِ إنشائها؛ قد تكونُ من بابِ الوجاهةٍ بعد أن ولى زمنُ إنشاءِ المدارسِ الدوليةِ.
عندنا، التعليمُ والمالُ لغتان مختلفتان، التعليمُ مقابل المالِ مؤداه أن ينجحَ الطالبُ بفلوسِه، وأن يتصورَ أن المشروعَ الذي التحقَ به رهنُ ما دَفعَ. مشروعاتٌ تتقاضى من أسرةِ الطالبِ ما لايقلُ عن مائتي ألف جنيه سنويًا أو ما يُقابلُها بالدولار أو الاسترليني، ليست لعمومِ المصريين ولا الميسورين منهم. هذا التعليمُ يكرسُ ثقافةَ التَميُّز الاجتماعي وأن المالَ مفتاحُ كلِ شئ، ثقافةٌ شديدةُ الخطورةِ.
جامعاتُ الحكومةِ لما اِحتاجَت المالَ لجأت للتعليمِ المدفوعُ ثمنِه، وتغاضَت كثيرًا عن أخلاقياتِ التعليمِ الحقيقي وجديتِه وسلوكياتِه، كُلُه في مقابلِ ستين ألف جنيه سنويًا. كيف سيكون التنازلُ عندما يصلُ المقابلُ لمائتي ألف جنيه فما فوق؟! إعلاناتُ ترغيبِ الأسرِ المقتدرةِ في الجامعاتِ الخاصةِ الحاليةِ لا تعدو كونَها صورًا لطلابٍ يرقصون ويغنون!! تعليمٌ في حرمٍ جامعي أم في نادٍ؟! كيف ستكون إذن وسائلُ الترغيبِ في جامعاتِ الميجا مصاريفِ؟!
لم يثبتْ أن هذه المشروعاتِ تنتسبُ حقًا لجامعاتٍ كبرى، فهل ستكونُ فعلًا إضافةً للسلوكياتِ الاجتماعيةِ وللكفاءةِ في التعلمِ والعلمِ؟ هل ستكونُ جامعاتٍ سياحيةٍ؟ وهل ما يترددُ عن تقليلِ سنواتِ الدراسةِ بكلياتِ الهندسةِ الحكوميةِ هو لمسايرةِ منشأتٍ تظهرُ بمسمياتٍ أكاديميةٍ عدةٍ؟
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي - أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس